الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٧٥٧
من الحلال، لان هذا المكان فيه يقين حرام يلزم اجتنابه فرضا، وهذا بخلاف المشكوك فيه الذي لا يقين فيه أصلا.
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، ثنا أحمد بن عبد البصير، ثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد ابن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان الثوري، عن أبيه، عن تميم بن سلمة، عن ابن عمرة قال: إن الله يحب أن يؤتى مياسره كما يحب أن تؤتى عزائمه قال: فذكرت ذلك لعبد الرحمن الرحال فقال: قال ابن عباس: إن الله يحب أن تقبل رخصه كما يحب أن يؤتى حده وبه نصا إلى عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن مالك بن الحارث، عن عمرو بن شرحبيل قال: قال عبد الله بن مسعود: إن الله يحب أن تؤتى مياسره كما يحب أن تؤتى عزائمه.
قال أبو محمد: فهذا يبين أنه لا يجوز التحري في اجتناب ما جاء عن الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وإن كانت رخصة، وأن كل ذلك حق وسنة ودين، فبطل ما تعلقوا به من الاحتياط الذي لم يأت به نص ولا إجماع. وبالله تعالى التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
الباب الخامس والثلاثون في الاستحسان والاستنباط في الرأي وإبطال كل ذلك قال أبو محمد رحمه الله: إنما جمعنا هذا كله في باب واحد، لأنها كلها ألفاظ واقعة على معنى واحد، لا فرق بين شئ من المراد بها وإن اختلفت الألفاظ وهو الحكم بما رآه الحاكم أصلح في العاقبة وفي الحال، وهذا هو الاستحسان لما رأى برأيه من ذلك، وهو استخراج ذلك الحكم الذي رآه.
قال المالكيون بالاستحسان في كثير من مسائلهم، روى العتبي محمد بن أحمد قال: ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت ابن القاسم يقول: قال مالك: تسعة أعشار العلم الاستحسان، قال أصبع بن الفرج الاستحسان في العلم يكون أغلب من القياس، ذكر ذلك في كتاب أمهات الأولاد من المستخرجة.
وأما الحنفيون فأكثروا فيه جدا، وأنكره الشافعيون، وأنكره من أصحاب
(٧٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 752 753 754 755 756 757 758 759 760 761 762 ... » »»
الفهرست