الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٢١
عبد البصير، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا الخشني، ثنا بندار، ثنا غندر، ثنا شعبة عن أبي حمزة قال: قال لي ابن عباس: لقد رأيت عمر يضرب الناس على الصلاة بعد العصر، وقال ابن عباس: صل إن شئت ما بينك وبين أن تغيب الشمس.
وقد ذكر أبو موسى حديث الاستئذان، فتهدده عمر بضرب ظهره وبطنه، فصح بهذا أن سكوتهم قد يكون تقية للاسلام، أو لئلا يقع تنازع واختلاف.
وقد يكون تثبتا، أو لما شاء الله عز وجل، وليس قول أحد لا سكوته حجة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قوله وسكوته حجة قائمة على ما أعلم.
واحتج بعضهم بأن حكم الامام لا ينقض، لان أبا بكر ساوى بين الناس وأن عمر فاضل بينهم، فلم يرد أحد ما أعطاه أبو بكر.
قال أبو محمد: وهذا خطأ لان ما ذكروا من مساواة أبي بكر ومفاضلة عمر ليس حكما، وإنما هي قسمة مال موكولة إلى اجتهاد الامام، مباح له أن يفاضل ومباح له أن يسوي وليس هذا شريعة تحليل ولا تحريم ولا إيجاب. وقد دون عمر ولم يدون أبو بكر، وبالجملة فقد يخطئ الامام غيره، واتباع من يجوز أن يخطئ هو الحكم بالظن. وقد نهى الله تعالى عن اتباع الظن.
وأما وجوب طاعة الأئمة فذلك حق كل إمام عدل كان أو يكون إلى يوم القيامة وإنما ذلك فيما وافق طاعة الله عز وجل وكان حقا، وليس ذلك في أن يشرعوا لنا قولا لم يأتنا به نص ولا إجماع، وبالجملة فكل ما تكلموا به في هذا المكان، وموهوا به عن المسلمين، وسودوا كتبهم بما سيطول الندم عليه يوم القيامة، فهم أترك الناس وأشدهم خلافا للأمة الذين أوجبوا تقليدهم فيه، وقد بينا ذلك في غير مكان من كتبنا. وبالله تعالى التوفيق.
واحتج بعضهم بما حدثنا المهلب، ثنا ابن مناس، ثنا ابن مسرور، ثنا يوسف بن عبد الاعلى، ثنا ابن وهب، أخبرني من سمع الأوزاعي يقول: حدثني عبدة بن أبي لبابة أن ابن مسعود قال: ألا لا يقلدن رجل رجلا دينه، إن آمن آمن، وإن كفر كفر فإن كان مقلدا لا محالة، فليقلد الميت ويترك الحي فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة. قال أبو محمد: وهذا باطل لان ابن وهب لم يسم من أخبره ولا لقي عبدة ابن أبي لبابة بن مسعود، مع أنه كلام فاسد، لان الميت أيضا لا تؤمن عليه
(٨٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 816 817 818 819 820 821 822 823 824 825 826 ... » »»
الفهرست