الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٤٤
آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون قل أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم) *.
وقال تعالى: * (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون) * وقال تعالى:
* (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ئ إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ئ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) *.
ومن قلد فقد قال على الله ما لا يعلم، وهذا نص كلام رب العالمين، الذي إليه معادنا، وبين يديه موقفنا، وهو سائلنا عما أمرنا به من ذلك، ومجازينا بحسب ما أطعنا أو عصينا، فليتق الله على نفسه أمرؤ يعلم أن وعد الله حق، وأن هذه عهود ربه إليه، وليتب عن التقليد وليفتش حاله، فإن رأى فيها هذه الصفات التي ذمها الله تعالى، فليتدارك نفسه بالتوبة من ذلك، وليرجع إلى بشرى قبول قول ربه تعالى إذ يقول: * (فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب) * فالمحروم من حرم هذه البشرى، وخرج عن هذه الصفة المحمودة، نسأل الله أن يكتبنا في عداد أهلها، وأن يثبتنا في جملتهم آمين فقد فاز من وصفه الله تعالى بأنه هداه، وبأنه مبشر، وبأنه من أولي الألباب، وهذه صفة من استمع الأقوال فلم يقلد، واختار أحسنها، والأحسن هو ما شهد الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم بالحسنى، مما وافق القرآن والسنة، وبالله تعالى التوفيق.
فقد صح بنص كلام الله تعالى بطلان تقليد الرجال والنساء جملة، وتحريم اتباع الآباء والرؤساء البتة، وعلى هذا كله السلف الصالح.
أخبرنا محمد بن سعيد النباتي، ثنا أحمد بن عون الله، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر غندر، ثنا شعبة، عن عاصم الأحول، عن الشعبي: أن أبا بكر قال في الكلالة: أقضي فيها، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله منه برئ وهو ما دون الولد
(٨٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 839 840 841 842 843 844 845 846 847 848 849 ... » »»
الفهرست