الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٤٩
يا رسول الله: ما كنا نعبدهم: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كانوا يحلون لكم الحرام فتستحلونه ويحرمون عليكم الحلال فتحرمونه قلت: بلى، قال: فتلك عبادتكم.
قال أبو محمد: فسمى النبي صلى الله عليه وسلم اتباع من دون النبي صلى الله عليه وسلم في التحليل والتحريم عبادة، وكل من قلد مفتيا يخطئ ويصيب، فلا بد له من أن يستحل حراما ويحرم حلالا، وبرهان ذلك تحريم بعضهم ما يحله سائرهم، ولا بد أن أحدهم مخطئ. أفليس من العجب إضراب المرء عن الطريق التي أمره خالقه بسلوكها، وضمن له بيان نهج الصواب فيها. وأمره أن يكون همه نفسه لا ما سواها، فيترك ذلك كله، ويقصد إلى طريق لم يؤمر بسلوكها، ولا ضمن له نهج الصواب فيها، بل قد نهي عن ذلك وعيب عليه، ولامه ربه عز وجل على ذلك أشد الملامة مع أن الذي قلدوه ينهاهم عن تقليده، فمن أضل من هؤلاء.
وقد احتج بعض من قلد مالكا بأنه المعني بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في إنذاره بزمان يأتي لا يوجد فيه عالم أعلم من عالم المدينة.
أخبرنا عبد الله بن ربيع التميمي، عن محمد بن معاوية، عن أحمد بن شعيب، أنا علي بن محمد، ثنا محمد بن كثير، عن سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن أبي الزناد، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: يضربون أكباد الإبل ويطلبون العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة. فقال النسائي: قوله أبو الزناد خطأ، إنما هو أبو الزبير.
قال أبو محمد: وهكذا حدثناه أحمد بن عبد الله الطلمنكي، ثنا ابن مفرج قال:
ثنا محمد بن أيوب الصموت، ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، ثنا عمرو بن علي، ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن جريح، عن أبي الزبير، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك أن تضرب أكباد المطي فلا يوجد عالم أعلم من عالم المدينة قال البزار: لم يرو ابن جريج عن أبي صالح غير هذا الحديث.
حدثنا أحمد بن عمر، ثنا علي بن الحسن بن فهر، أنا محمد بن علي، ثنا محمد بن عبد الله البيع
(٨٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 844 845 846 847 848 849 850 851 852 853 854 ... » »»
الفهرست