الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٤٥
والوالد، فقال عمر بن الخطاب: إني لأستحي من الله أن أخالف أبا بكر.
قال أبو محمد: هذا هو الحديث الذي موهوا به، واستحلوا الكذب بإبراء مفردا مما قبله، وإنما استحى عمر من مخالفة أبي بكر رضي الله عنهما في اعترافه بالخطأ، وأنه ليس كلامه كله صوابا، لا في قوله في الكلالة.
وبرهان ذلك أن عمر أقر عند موته أنه لم يقض في الكلالة بشئ، وقد اعترف أنه لم يفهمها قط، وحتى لو صح أنه وافق أبا بكر في الكلالة في الحديث المذكور لما كانت فيه حجة، لان الشعبي راوي الحديث لم يدرك عمر، وأبعد روايته، فعن علي على اختلاف في رؤيته أيضا.
وأما الاضطراب عن عمر في الجد، فإن محمد بن سعيد أخبرني، عن أحمد بن عون الله، عن قاسم بن أصبغ، عن الخشني، عن بندار، عن ابن أبي عدي شعبة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر بن الخطاب حين طعن: إني لم أقض في الجد شيئا.
وأما الاختلاف عنه رضي الله عنه في الكلالة، فهو أن حماما حدثني قال: ثنا ابن مفرج، عن عبد الاعلى بن محمد بن الحسن قاضي صنعاء، عن الديري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب كتب في الجد والكلالة كتابا، فمكث يستخير الله يقول: اللهم إن علمت فيه خيرا فأمضه، حتى إذا طعن دعا بالكتاب فمحي، فلم يدر أحد ما كان فيه فقال: إني كنت كتبت في الجد والكلالة كتابا وكنت أستخير الله فيه فرأيت أن أترككم على ما كنتم عليه.
قال عبد الرزاق: وحدثنا ابن جريج، أخبرني ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب أوصى عند الموت فقال: الكلالة كما قلت، قال ابن عباس:
وما قلت؟ قال: من لا ولد له.
قال أبو محمد: هذا أصح سند يرد في هذا الباب عن عمر، لاتصاله وعدالة ناقليه وإمامتهم وصحة سماع بعضهم من بعض، وهو كما ترى مخالف لرأي أبي بكر في الكلالة، لان أبا بكر كان يقول: الكلالة من لا ولد له ولا والد، وعمر عند الموت يقول:
الكلالة من لا ولد له فقط بالسند الذي لا داخلة فيه، فبطل بهذا ما رواه الشعبي الذي أبعد ذكره رؤيته عليا رضي الله عنه بالكوفة يتوضأ في الرحبة، هذا إن صح
(٨٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 840 841 842 843 844 845 846 847 848 849 850 ... » »»
الفهرست