الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٥٦
والمزني للشافعي رحمه الله. وكذلك خالف أصبغ وسحنون ابن القاسم، وخالف ابن المواز أصبغ، وكذلك خالف محمد بن علي بن يوسف المزني فكثير، وكذلك خالف الطحاوي أيضا أبا حنيفة وأصحابه، فإن كان النظر حقا فقد أخطؤوا في التقليد، وإن كان التقليد حقا فقد أخطؤوا النظر وترك التقليد، فقد ثبت الخطأ عليهم على كل حال، والخطأ واجب أن يجتنب.
قال أبو محمد: وقد سألناهم فقلنا لهم: أنتم مقرون معنا بأن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله عليه السلام ينزل إذا خرج الدجال اللعين، فيدبر أهل الاسلام بملتهم لا بملة أخرى، فقالوا لنا: أبرأي أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن أو بتقليد مالك وابن القاسم وسحنون -: يحكم بين المسلمين ويقضي في الدين، ويفتي المستفتين؟ ألا إن هذا هو الضلال المبين.
ولقد نكس الاسلام، وذلت النبوة، وهانت الرسالة وخزي الحق وأهله:
إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وروحه وكلمته يرجع تابعا لمثل هؤلاء الذين لا يقطع لهم بنجاة، ولا يضمن ما هم عليه عند الله تعالى فلا والله، بل ما يقضي ويحكم ويفتي إلا بما أتى به أخوه في الرسالة، وصاحبه في النبوة، وقسيمه في نزول الوحي، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وليبطلن الآراء الفاسدة فلا خوف من أحد. فمن أضل طريقه ممن يدين بشئ هو موقن أنه لم يكن أول الاسلام، ولا يكون عند نزول المسيح عليه السلام ومن يضلل الله فما له من هاد.
حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي ثنا ابن مفرج ثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس، ثنا محمد بن علي بن علي بن زيد، نا سعيد بن منصور، نا هشيم، أنا ابن أبي ليلى، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل: أن رجلا مات وترك ابنته وابنة ابنه وأخته لأبيه وأمه، فأتوا أبا موسى الأشعري فسألوه عن ذلك فقال: لابنته النصف، والنصف الباقي للأخت، فأتوا ابن مسعود فذكروا ذلك له فقال: لقد ضللت إذن وما أنا من المهتدين إن أخذت بقول الأشعري وتركت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا ابن مسعود يسمي القول من الصاحب إذا خالف النص: ضلالا وخلافا للهدى.
وحدثنا أحمد بن عمر، نا أبو ذر، نا عبد الله بن أحمد، نا إبراهيم بن خزيم، نا
(٨٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 851 852 853 854 855 856 857 858 859 860 861 ... » »»
الفهرست