الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٥٩
وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عذاب القبر على أن المنافق أو المرتاب يقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فهذا التقليد مذموم في التوحيد، فكيف ما دونه.
وقال ابن مسعود: لا تكن إمعة. فسئل: ما هو؟ فقال: الذي يقول أنا مع الناس. حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، نا أحمد بن عون الله، نا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني، نا بشار بندار، نا ابن أبي عدي، أنبأنا شعبة، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: لا يكونن أحدكم إمعة، يقول: إنما أنا مع الناس، ليوطن أحدكم نفسه إن كفر الناس ألا يكفر، وبه إلى بندار، نا محمد بن جعفر، نا شعبة قال:
سمعت أبا إسحاق يقول: سمعت هبيرة وأبا الأحوص عن ابن مسعود قال:
إذا وقع الناس في الشر، قل: لا أسوة لي في الشر.
وبه إلى بندار قال: ثنا سعيد بن عامر، نا شعبة عن الحكم قال: ليس أحد من الناس إلا وأنت آخذ من قوله أو تارك إلا النبي صلى الله عليه وسلم.
وبه إلى بندار: نا أبو داود، نا شعبة عن منصور، عن سعيد بن جبير أنه قال في الوهم: يعيد، قال: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: ما تصنع بحديث سعيد بن جبير مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
حدثنا محمد بن سعيد، عن القلعي، عن الصواف،: عن بشر بن موسى، عن الحميدي قال: قال سفيان: ما زال أمر الناس معتدلا حتى غير أبو حنيفة بالكوفة والبتي بالبصرة، وربيعة بالمدينة.
قال أبو محمد: وصدق سفيان، فإن هؤلاء أول من تكلم بالآراء، ورد الأحاديث، فسارع الناس في ذلك واستحلوه، والناس سراع إلى قبول الباطل والحق مر ثقيل.
وقد أوردنا قبل هذا المكان بأوراق يسيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلا: * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) * قال له عدي بن حاتم - وكان قبل ذلك نصرانيا -: يا رسول الله ما كنا نعبدهم؟ فقال له صلى الله عليه وسلم كلاما معناه:
إنهم كانوا يحرمون ما حرموا عليهم، ويحلون ما أحلوا لهم، وأخبر عليه
(٨٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 854 855 856 857 858 859 860 861 862 863 864 ... » »»
الفهرست