الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٤٦
أنه رآه أيضا، أخبرنا محمد بن سعيد النباتي، ثنا أحمد بن عون الله، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر غندر، ثنا شعبة، عن عاصم، عن الشعبي قال: سئل عبد الله بن مسعود، عن امرأة توفي عنها زوجها، ولم يفرض لها؟ فاختلف إليه شهرا، فقال: ما سئلت عن شئ منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد علي منه، لم ينزل فيه قرآن ناطق ولا سنة ماضية، أقضي فيها فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمن الشيطان والله منه برئ وذكر الحديث.
قال أبو محمد: فهذا ابن مسعود يعترف بالخطأ وبمغيب السنن عنه، وفي هذه القصة سنة صحيحة خفيت عنه، ثم علمها بعد ذلك، ولا سبيل إلى أن يوجد عن أحد من الصحابة والتابعين غير الاعتراف بجواز الخطأ عليهم.
والصحيح من رواية الشعبي في الخبر الذي ذكرنا هو ما أخبرناه محمد بن سعيد ابن نبات، عن أحمد بن عون الله، عن قاسم بن أصبغ، عن الخشني عن بندار، عن غندر، ثنا شعبة، عن يحيى بن سعيد التيمي تيم الرباب قال: سمعت الشعبي يحدث عن ابن عمر عن عمر قال ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقض حتى يبين لنا فيهن أمرا ينتهي إليه: الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا، فهذا هو المتصل من طريق الشعبي.
ثم إنا نقول: إن العجب ليطول ممن اختار أخذ أقوال إنسان بعينه لم يصحبه من الله عز وجل معجزة، ولا ظهرت عليه آية، ولا شهد الله له بالعصمة عن الخطأ، ولا بالولاية وأعجب من ذلك إن كان من التابعين فمن دونهم، ممن لا يقطع على غيب إسلامه، ولا بيد مقلده أكثر من حسن الظن به، وأنه في ظاهر أمره فاضل من أفاضل المسلمين، لا يقطع له على غيره من الناس بفضل، ولا يشهد له على نظارته بسبق إن هذا لهو الضلال المبين. فليت شعري ما الذي أوجب عليه أن يميل إليه دون أن يميل إلى غيره ممن هو مثله في الظاهر، أو أفضل منه في الظاهر، أو في الحقيقة من سابقي الصحابة، حتى صاروا يتدينون بقوله في دينهم الذي هو وسيلتهم إلى الله تعالى، لا يرجون النجاة من عذاب الآخرة بسواه؟
(٨٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 841 842 843 844 845 846 847 848 849 850 851 ... » »»
الفهرست