الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٠٢
عن بينة، ويحيا من حي عن بينة، والله تعالى يلبس على من على الناس وبالله تعالى التوفيق.
واحتجوا بما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، ثنا أحمد بن عون الله، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا الخشني، ثنا بندار، ثنا غندر ثنا شعبة، ثنا عمرو بن مرة، عن حصين، عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحابنا أنهم كانوا إذا صلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فدخل الرجل أشاروا إليه فقضى ما سبق به، فكانوا من بين قائم وراكع وقاعد ومصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جاء معاذ فقال: لا أراه على حال إلا كنت معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن معاذا قد سن لكم سنة فكذلك فافعلوا.
قال أبو محمد: وهذا حديث كما ترى، لم يذكر ابن أبي ليلى من حدثه به، والضمير الذي في كانوا لا بيان فيه أنه راجع إلى المحدثين لابن أبي ليلى، بل لعله راجع إلى الصحابة غير المحدثين لابن أبي ليلى، ولا تؤخذ الحقائق بالشكوك.
وحتى لو صح هذا الحديث لما كانت فيه حجة لوجهين: أحدهما: أن الذين يقلدونهم غير معاذ، فلو صح تقليد معاذ ما كان ذلك إلا مبطلا لتقليد مالك وأبي حنيفة والشافعي. والثاني: أن فعل معاذ لم يصر سنة إلا حيث أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحين أمر به، لا بفعل معاذ، ويكون حينئذ معنى أن معاذا سن سنة، أي فعل فعلا جعله الله لكم سنة، فإنما صار سنة حين أمر به عليه السلام فقط، مع أنه حديث مرسل لا يحتج به.
وقد روينا عن معاذ ما يبطل ظن الظان في هذا الحديث، وما يبطل به التقليد، وهو ما حدثنا محمد بن سعيد النباتي، ثنا أحمد بن عون الله، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن بشار بندار، ثنا غندر، ثنا شعبة قال: أنبأني عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الله بن سليمة يقول قال معاذ بن جبل: يا معشر العرب كيف تصنعون بثلاث: دنيا تقطع أعناقكم، وزلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن؟ فسكتوا، فقال معاذ: أما العالم فإن اهتدى فتقلدوه دينكم، وإن
(٨٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 797 798 799 800 801 802 803 804 805 806 807 ... » »»
الفهرست