الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٠٤
رضي الله عن المؤمنين) * الآية، وقوله تعالى: * (وكلا وعد الله الحسنى) * وقوله تعالى: * (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) * فإنما هذا كله ثناء عليهم، رضوان الله عليهم، ولم ننازع في الثناء عليهم ولله الحمد، بل نحن أشد توقيرا لهم، وأعلم بحقوقهم من هؤلاء المحتجين بهذه الآية في غير مواضعها. لأننا نحن إنما تركنا أقوال الصحابة لقول محمد صلى الله عليه وسلم الذي يجب من حقه صلى الله عليه وسلم عليهم، كالذي يجب من حقه علينا ولا فرق، والذي ألزموا طاعته كما ألزمناها سواء بسواء، وهم إنما تركوا أقوال الصحابة الذين احتجوا في فضلهم بما ذكرنا، لقول أبي حنيفة ومالك والشافعي.
وإنما قلنا نحن: ليس وجوب الثناء عليهم بموجب أن يقلدوا، إذ قد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر وعمر - اللذين هما أفضل رجالهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - قد أخطأ. كما حدثنا حمام بن أحمد، ثنا عبد الله بن إبراهيم، ثنا أبو زيد المروزي، نا الفربري، نا البخاري، نا إبراهيم بن موسى، نا هشام بن يوسف، أن ابن جريج أخبرهم، عن ابن أبي مليكة، أن عبد الله بن الزبير أخبرهم، أنه قدم ركب من بني تميم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد بن زرارة، قال عمر: بل أمر الأقرع بن حابس. فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، قال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك: * (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) * حتى انقضت، يعني الآية. قال البخاري: ثنا محمد بن مقاتل، ثنا وكيع، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة قال: قال ابن الزبير: فكان عمر بعد إذ حدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث حدثه كأخي السرار، لم يسمعه حتى يستفهمه. قال البخاري: نا بسرة بن صفوان ابن جميل، نا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة قال: كاد الخيران يهلكان: أبو بكر وعمر، رفعا أصواتهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكما حدثنا عبد الله بن ربيع، عن محمد بن إسحاق بن السليم، عن ابن الأعرابي، عن أبي داود، وقال: نا محمد بن يحيى بن فارس، نا عبد الرزاق - كتبته من كتابه - قال:
أنا معمر، عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عبس
(٨٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 799 800 801 802 803 804 805 806 807 808 809 ... » »»
الفهرست