الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨١٥
فهم الخصال. وقال أصحابنا: إنما منعنا من ذلك لاجماع الأمة على المنع من بيعهن إذا حملن من وسادتهن، ثم اختلفوا في بيعهن بعد الوضع، فقلنا نحن:
لا نترك ما اتفقنا عليه إلا بنص أو إجماع آخر طردا لقولنا باستصحاب الحال.
وأما وضع الأيدي على الركب، فقد صح من طريق أبي حميد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم مسندا وضع الأيدي على الركب في الركوع.
وأما قول عمر: لفعلتها لكانت سنة، فليس على ما ظن الجاهل المحتج بذلك في التقليد، ولكن معنى ذلك: لو فعلتها لاستن بذلك الجهال بعدي: فكره عمر أن يفعل شئ يلحقه أحد من الجهال بالسنن، كما قال طلحة، إذ رأى عليه ثوبا مصبوغا وهو محرم: إنكم قوم يقتدى بكم فربما رآك من يقول: رأيت على طلحة ثوبا مصبوغا وهو محرم، أو كلاما هذا معناه. فعلى هذا الوجه قال عمر: لو فعلتها لكانت سنة، لا على أن يسن في الدين ما لم ينزل به وحي، وقد كانوا رضي الله عنهم يفتون بالفتيا فيبلغهم عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافها، فيرجعون عن قولهم إلى الحق الذي بلغهم، وهذا لا يحل غيره.
وقد فعل أبو بكر نحو ذلك في الجدة، وبحث عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وفعل ذلك عمر في الاستئذان ثلاثا حتى قال له أبي بن كعب: يا عمر لا تكن عذابا على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. فقال عمر: سبحان الله إنما سمعت شيئا فأردت أن أتثبت. ورجع عن إنكاره لقول أبي موسى، ولم يعرف حكم إملاص المرأة حتى سأل عنه فوجده عند المغيرة بن شعبة، وكذلك أمر المجوس، وباع معاوية سقاية من ذهب بأكثر من وزنها، حتى أنكر ذلك عليه عبادة بن الصامت، وبلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وأراد عمر قسمة مال الكعبة، فقال له أبي: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك فأمسك عمر.
وكان يرد الحيض حتى يطهرن ثم يطفن بالبيت حتى بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك فرجع عن قوله، وكان يرد المفاضلة في دية الأصابع، حتى بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم المساواة بينها، فرجع عن قوله إلى ذلك وترك قوله. وكان لا يرى توريث المرأة في دية زوجها، حتى بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم
(٨١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 810 811 812 813 814 815 816 817 818 819 820 ... » »»
الفهرست