الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨١٤
إسحاق أنا عيسى بن يونس، وقال أبو كريب: نا أبو معاوية واللفظ له، قالا جميعا عن الأعمش عم مسلم - وهو أبو الضحى عن مسروق، عن عائشة قالت: ترخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر استنزه عنه ناس من الناس، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغضب حتى بان الغضب في وجهه، ثم قال: ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه فوالله لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية.
قال أبو محمد: ورواه مسلم أيضا عن زهير بن حرب، عن جرير، عن الأعمش بسنده فقال: بلغ ذلك ناسا من أصحابه.
حدثنا أحمد بن عمر، نا علي بن الحسين بن فهر، نا الحسن بن علي بن شعبان، وعمر ابن محمد بن عراك قالا: نا أحمد مروان، نا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، ثنا حرملة عن ابن وهب: سئل مالك عمن أخذ بحديثين مختلفين، حدثه بهما ثقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتراه من ذلك في سعة؟ قال: لا والله حتى يصيب الحق، وما الحق إلا في واحد، قولان مختلفان يكونان صوابا ما الحق وما الصواب إلا في واحد.
قال أبو محمد: وهذا حجة على المالكيين القائلين بتقليد من احتجوا به من الصحابة وقد اختلفوا.
فصح بكل ما ذكرنا أنه لا يحل اتباع فتيا صاحب ولا تابع، ولا أحد دونهم إلا أن يوجبا نص أو إجماع، ويبطل بذلك قول من قال، فيما رواه عن الصاحب بخلاف، ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل هذا لا يقال بالرأي وصح أنه قد يخطئ المرء منهم فيقول برأيه ما يخالف ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واحتجوا بمنع عمر من بيع أمهات الأولاد بما روي من سنة وضع الأيدي على الركب في الصلاة ومن قوله في جوابه لعمرو بن العاص، إذ قال له وقد احتلم: خذ ثوبا غير ثوبك، فقال: لو فعلتها لصارت سنة.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم في شئ منه.
أما بيع أمهات الأولاد فقد خالف في ذلك ابن مسعود، وعلي وزيد بن ثابت وابن عباس - عمر، فرأوا بيعهن، فما الذي جعل عمر أولى بالتقليد من هؤلاء؟
وإنما منعنا من بيعهن لنص ثابت أوجب ذلك، فقد ذكرناه في كتاب الايصال إلى
(٨١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 809 810 811 812 813 814 815 816 817 818 819 ... » »»
الفهرست