الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨١٢
فذكر الاقط والزبيب، وإنما فرض صلى الله عليه وسلم التمر والشعير فقط، وأمر سمرة النساء بإعادة الصلاة أيام الحيض، وقال قوم من الصحابة بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم: أما أنا فأفيض على رأسي - يعنون في غسل الجنابة - كذا وكذا مرة فأنكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وكان علي يغتسل من المذي والنبي صلى الله عليه وسلم حي، فأنكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أسيد وغيره - إذ رجع سيف أبي عامر الأشعري عليه - بطل جهاده، وقالوا ذلك في عامر بن الأكوع، فكذبهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وأفتى عمر المجنب في السفر ألا يصلي شهرا بالتيمم، ولكن يترك الصلاة حتى يجد الماء وقال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم أن يناول القدح أبا بكر وهو عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أن الواجب غير ذلك، وهو أن يناوله الأيمن فالأيمن، وكان عن يمينه أعرابي، وتمعك عمار في التراب كما تتمعك الدابة، فأنكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على عمر نداءه إياه - إذ أخر صلى الله عليه وسلم العتمة وقال له: ما كان لكم أن تنذروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أسامة - إذ قتل الرجل بعد أن قال لا إله إلا الله -: يا رسول الله إنما قالها تعوذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
هلا شققت عن قلبه وأنكر عليه قتله إياه وخطأه في تأويله حتى قال أسامة: وددت أني لم أكن أسلمت إلا ذلك اليوم، وقال خالد: رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فأنكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنكر فعله ببني جذيمة. وتنزه قوم منهم عن أشياء فعلها صلى الله عليه وسلم فأنكر ذلك عليه السلام وغضب منه وتأول عمر أنه أخطأ إذ قبل وهو صائم، فخطأه عليه السلام في تأويله ذلك، وأخبر أنه لا شئ عليه فيه، وتأول الأنصاري تقبيله عليه السلام وهو صائم وإصباحه جنبا وهو صائم، أن ذلك خصوص له عليه السلام، فخطأه صلى الله عليه وسلم في ذلك وغضب منه، وتأول عدي في الخيط الأبيض أنه عقال أبيض، والنبي صلى الله عليه وسلم حي.
وأعظم من هذا كله تأخر أهل الحديبية عن الحلق والنحر والاحلال، إذ أمرهم بذلك صلى الله عليه وسلم، حتى غضب وشكاهم إلى أم سلمة أم المؤمنين وكل ما ذكرنا
(٨١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 807 808 809 810 811 812 813 814 815 816 817 ... » »»
الفهرست