الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٠٠
وخلاف أبي موسى لعلي كذلك، ومن جملة خلافه إياه امتناعه من بيعته ومن حضور مشاهده، وليس في الخلاف أعظم من هذا، وكذلك خلاف زيد لأبي - في القراءات والفرائض وغير ذلك - أشهر من كل مشتهر، فوضح كذب جابر في روايته هذه.
والثالث: أنه لو صح كل هذا لكان عليهم لا لهم، لان الذين كان هؤلاء المذكورون يقلدون بزعمهم، هم غير الذين يقلد هؤلاء المتأخرون اليوم، فلا حجة لمن قلد مالكا وأبا حنيفة والشافعي فيمن قلد عمر وعليا وأبيا، بل هو حجة عليهم لأنه ان كان تقليد هؤلاء حقا فتقليد مالك والشافعي وأبي حنيفة باطل، وإن كان تقليد من تقدم باطلا فتقليد من تأخر أبطل، فمن المحال الباطل أن يقلد ابن مسعود عمر أو غيره مع ما حدثناه المهلب، عن ابن مناس، عن ابن مسرور، عن يونس بن عبد الاعلى، عن ابن وهب قال: سمعت سليمان يحدث عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، أنه كان يقول: اغد عالما أو متعلما ولا تغدون إمعة، قال ابن وهب: فذكر لي سفيان، عن أبي الزعراء، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود: إنه الإمعة فيكم الذي يحقب دينه الرجال.
واحتجوا أيضا بالأعمى يدل على القبلة وبالراكب في السفينة يدله الملاحون على القبلة، وعلى الوقت.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه، لأنه من باب قبول الخبر، لا من باب قبول الفتيا في الدين بلا دليل، ولا من باب تحريم أمر كان مباحا، أو إيجاب فرض لم يكن واجبا أو إسقاط فرض قد وجب، وهذا الذي ذكروا ليس تقليدا، وإنما هو إخبار، والناس مجمعون على قبول خبر الواحد في أشياء كثيرة منها الهدية، وحال إدخال الزوج على الزوجة، وقبول قول المرأة الذمية والمسلمة إنها طاهر فيستباح وطؤها بعد تحريمه بالحيض وغير ذلك، فقبول الأعمى لخبر
(٨٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 795 796 797 798 799 800 801 802 803 804 805 ... » »»
الفهرست