الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٧٩٥
ولا يخرجون منه، فلما أصيب عمر انثلم الحصن فخرج الناس من الاسلام، قال: سألته عن أم الولد، فقال: تعتق من نصيب ولدها.
قال أبو محمد: فهذا ابن مسعود بهذا السند العجيب الذي لا مغمز فيه - بعد موت عمر على ما في نص هذا الحديث من ذكره موت عمر - يخالفه في أمهات الأولاد، فلا يراهن حرائر من رأس مال سادتهن، ولكن من نصيب أولادهن كما تعتق على كل أحد أمه إذا ملكها.
ومع ذلك أن ابن مسعود - إلى أن مات - كان يطبق في الصلاة، وعمر كان يضع اليدين على الركبتين وينهى عن التطبيق وكان ابن مسعود يضرب الأيدي لوضعها على الركب، وابن مسعود يقول في الحرم هي يمين، وعمر يقول:
هي طلقة واحدة. وكان ابن مسعود يقول في رجل زنى بامرأة ثم تزوجها:
لا يزالان زانيين ما اجتمعا، وعمر يأمر الزاني أن يتزوج التي زنى بها، وابن مسعود يقول بيع الأمة طلاقها، وعمر لا يرى بيعها طلاقا ويخالفه في قضايا كثيرة جدا.
والعجب كله ممن يحتج بالكذب، من أن ابن مسعود كان يقلد عمر، وهم لا يرون تقليد عمر ولا ابن مسعود في كل أقوالهما، وإنما يقلدون من لم يقلده قط ابن مسعود ولا رآه، كأبي حنيفة ومالك والشافعي وحسبك بمقدار من يحتج بمثل هذا في الغباوة والجهل، وقوله مخالف لما احتج به.
وكيف يجوز أن يقلد ابن مسعود عمر؟ وقد حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى، نا أحمد بن محمد، نا أحمد بن علي، حدثنا مسلم بن الحجاج، نا إسحاق بن راهويه، نا عبدة بن سليمان، نا الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة الأسدي، عن عبد الله بن مسعود قال: لقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أني أعلمهم بكتاب الله عز وجل، ولو أعلم أن أحدا أعلم به مني لرحلت إليه، قال شقيق: فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه ولا يعيبه.
وبه إلى مسلم: نا أبو كريب، نا يحيى بن آدم، نا قطبة عن الأعمش، عن مسلم،
(٧٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 790 791 792 793 794 795 796 797 798 799 800 ... » »»
الفهرست