الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٧٩٢
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، نا إسماعيل بن إسحاق البصري، نا خالد بن سعد، نا محمد بن إبراهيم بن حيون الحجاري، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: الحديث الضعيف أحد إلينا من الرأي.
حدثنا حمام، نا عباس بن أصبغ، نا محمد بن عبد الملك بن أيمن، نا عبد الله ابن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن الرجل يكون ببلد لا يجد فيه إلا صاحب حديث لا يعرف صحيحه من سقيمه، وأصحاب رأي، فتنزل به النازلة، من يسأل؟ فقال أبي: يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي، ضعيف الحديث أقوى من رأي أبي حنيفة.
قال أبو محمد: صدق أحمد رحمه الله، لان من أخذ بما بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يدري ضعفه، فقد أجر يقينا على قصده إلى طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أمره الله تعالى. وأما من أخذ برأي أبي حنيفة أو رأي مالك أو غيرهما، فقد أخذ بما لم يأمره الله تعالى قط بالأخذ به، وهذه معصية لا طاعة.
وقد تبرأ كل من ترى من الصحابة والتابعين، ومن الفقهاء من الرأي، وندموا على ما قد قدموا منه، وتبرؤوا ممن قلدهم في شئ منه، فمن أضل ممن دان ربه تعالى برأي قد تمنى الذي رآه أن يضرب عن كل مسألة منه سوطا ولعلها أزيد من عشرة آلاف مسألة ومن أضل ممن دان ربه تعالى برأي من قال: من أتانا بخير من رأينا قبلناه ولا شك عند كل ذي مسكة عقل من المسلمين أن كلام الله تعالى وكلام محمد صلى الله عليه وسلم خير من رأي أبي حنيفة ومالك. هذا مع ما قد أوردناه في هذا الباب من الأحاديث الصحاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم الفتيا بالرأي، ومن البراهين القاطعة في ذلك. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
(٧٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 787 788 789 790 791 792 793 794 795 796 797 ... » »»
الفهرست