الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٧٨١
ورجل أراد الحق فأصاب فهو في الجنة، قال قتادة: قلت لأبي العالية: أرأيت هذا الذي أراد الحق فأخطأ؟ قال: كان حقه إذا لم يعلم القضاء أن يكون قاضيا.
حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي، ثنا ابن مفرج، ثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس، ثنا محمد بن علي بن زيد، نا سعيد بن منصور، نا فرج بن فضالة، عن مالك بن زياد، قال: سمعت عراك بن مالك، وقال له عمر بن عبد العزيز: يا عراك ما قولك في القضاة؟ فقال: يا أمير المؤمنين القضاة ثلاثة: رجل ولي القضاء ولا علم له بالقضاء، فأحل حراما وحرم حلالا فهو في النار على أم رأسه، ورجل ولي القضاء وله علم بالقضاء فاتبع الهوى وترك الحق فهو في النار على أم رأسه، ورجل ولي القضاء وله علم بالقضاء فاتبع الحق وترك الهوى فهو يستقام به ما استقام، وإن هو مال سلك مسلك أصحابه.
قال أبو محمد: وقد روي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روينا بالسند الصحيح المذكور إلى سعيد بن منصور: نا خلف بن خليفة، ثنا أبو هاشم قال:
لولا حديث ابن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: القضاة ثلاثة، اثنان في النار وواحد في الجنة: رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى بين الناس بجهل فهو في النار، ورجل عرف الحق فخار فهو في النار، لقلنا: إن القاضي إذا اجتهد فليس عليه شئ.
نعم، وعن عمر بن الخطأ ب كما روينا بالسند المذكور إلى سعيد بن منصور:
ثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، نا موسى بن عقبة، قال: خطب عمر بن الخطاب بالجابية، فذكر الخطبة وفيها أن عمر قال: ليس لهالك هلك معذرة في تعمد ضلالة حسبها هدى، ولا في ترك حق حسبه ضلالا.
قال أبو محمد: ليس هذا مخالفا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر لان هذا فيمن لم يعرف بالحق، وسائر ما ذكرنا قيل فيمن عرف بالحق فلج مقدرا أنه على صواب، مغلبا لظنه الكاذب على يقين ما جاءه من الهدى والنور.
وبه إلى سعيد بن منصور: حدثنا خالد بن عبد الله، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: من أفتا فتيا يعمى بها فإنهما عليه يعني يخطئ فيها فيخطئ آخذها منه.
(٧٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 776 777 778 779 780 781 782 783 784 785 786 ... » »»
الفهرست