الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٧٧٦
وأخبرا أنه صلى الله عليه وسلم جعل أمر آخرتنا إليه لا إلى غيره، وأمر الآخرة هو الدين والشريعة فقط، فلم يجعل ذلك صلى الله عليه وسلم إلى أحد سواه، وبطل بذلك رأي كل أحد، وحرم القول بالرأي جملة في الدين، وبالله تعالى التوفيق.
وهذا يبين معنى قول الله عز وجل: * (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) * إنما هو في أمر الدين، فكل ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم في شئ من تحريم أو تحليل أو إيجاب، فهو عن الله تعالى بيقين، وما كان من غير ذلك فكما قلنا، لقوله صلى الله عليه وسلم - إذ قيل له حاضت صفية - فقال: عقري حلقي وكقوله صلى الله عليه وسلم: إني اتخذت عند الله عهدا، أيما امرئ سببته أو لعنته في غير كنهه أو جلدته فاجعلها له طهرة أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ومثل قوله عليه السلام لذي اليدين: لم تقصر ولا نسيت، وهذا يبين فساد قول من اعترض بمثل هذا على سائر أوامره صلى الله عليه وسلم ليردها، ناطقا في ذلك بلسان أهل الالحاد المعترضين في الاسلام، ونعوذ بالله من الخذلان.
حدثنا أحمد بن عمرو العذري، ثنا أبو ذر الهروي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، ثنا إبراهيم بن خزيم الشاشي، ثنا عبد الرزاق، ثنا سفيان الثوري، عن عبد الاعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.
قال عبد: وحدثناه أيضا عبيد الله بن موسى، وأبو نعيم، وأبو سفيان الثوري، عن عبد الاعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.
حدثنا حمام بن أحمد، ثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي، نا محمد بن عبد الملك بن أيمن، ثنا أحمد بن مسلم، نا أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، ثنا وكيع عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا ينزع الله العلم من صدور الرجال، ولكن ينزع العلم بموت العلماء، فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا.
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني، نا أبو إسحاق البلخي، نا محمد بن يوسف الفربري، نا محمد بن إسماعيل البخاري، ثنا سعيد بن تليد، نا ابن وهب، حدثني
(٧٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 771 772 773 774 775 776 777 778 779 780 781 ... » »»
الفهرست