الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٧٦٥
يومئذ، وهي مخالفة لرأي عمر واستنباطه، فليس فيه - صح - إلا أن الذي استنبطه عمر ليس فيه ذكر التخيير لهن، ولا أشار إليه. ثم ليس فيه أيضا إلا أمر ظاهر منصوص عليه من قدرة الله تعالى أن يبدله خيرا منهن إن طلقهن وهذا أمر ظاهر لا يجهله مسلم، وأن الله تعالى معه والملائكة والمؤمنين، وهذا أيضا متيقن يدريه كل مسلم قبل أن يقوله عمر، وليس هذا هو الاستنباط الذي يشيرون إليه، ونمنعه نحن من إخراج حكم في شرع الدين ليس له نص في قرآن ولا سنة، فبطل تعلقهم بهذا الخبر جملة، والحمد لله رب العالمين.
وأما الرأي فإنهم احتجوا في تصويب القول به بقول الله عز وجل: * (وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله) * وبقوله تعالى: * (وأمرهم شورى بينهم) * ومن الحديث بالأثر الصحيح في مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين فيما يعملون به لوقت الصلاة قبل نزول الاذان فقال بعضهم: نار، وقال بعضهم: بوق وقال بعضهم: ناقوس.
وبما حدثناه أحمد بن عمر بن أنس، ثنا أبو داود، ثنا عبد الله بن أحمد السرخسي، ثنا إبراهيم بن خزيم، نا عبد بن حميد، نا عبد الرزاق، أنا معمر عن الزهري - وذكر حديث مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في القتال يوم الحديبية - قال الزهري فكان أبو هريرة يقول: ما رأيت أحدا قط كان أكثر مشاور لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا المهلب: ثنا ابن مناس بن مسرور، نا يونس بن عبد الاعلى، نا ابن وهب، ثنا إبراهيم بن نشيط، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحزم، فقال: تستشير الرجل ذا الرأي، ثم تمضي إلى ما أمرك به.
وبه إلى ابن وهب: أخبرني عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عيسى الواسطي يرفعه قال: ما شقي عبد بمشورة، ولا سعد عبد استغنى برأيه حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي، نا ابن مفرج، نا إبراهيم بن أحمد بن فراس، ثنا
(٧٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 760 761 762 763 764 765 766 767 768 769 770 ... » »»
الفهرست