الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٧٩١
أنا ابن وهب قال قال لي مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام المسلمين وسيد العالمين يسأل عن الشئ فلا يجيب حتى يأتيه الوحي من السماء.
قال أبو محمد: أفيحل لاحد صح هذا عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي عنه أخذنا ديننا، ثم يفتي بعد ذلك بغير ما أتاه به الوحي ويستعمل الرأي والقياس، معاذ الله من ذلك.
أخبرنا أحمد بن عمر، ثنا أحمد بن محمد بن عيسى، نا محمد بن غندر، نا خلف ابن قاسم، نا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي، نا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، نا أبو مسهر، نا سعيد بن عبد العزيز قال: كان إذا سئل لا يجيب حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هذا رأيي والرأي يخطئ ويصيب.
قال أبو محمد: ويقال لمن يقضي بالرأي في الدين فحلل به وحرم وأوجب:
أخبرنا عنك في قولك بالرأي، هذا حرام أو هذا واجب عمن تخبر بأنه حرم هذا أو أوجب هذا؟ أعنك أم عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لله؟ فإن كنت تخبر بذلك عن الله تعالى أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم كنت كاذبا عليهما، لأنك تقول عنهما ما لم يقله الله تعالى، ولا نبيه صلى الله عليه وسلم، وإن كنت تقول ذلك عن نفسك فقد صرت محللا ومحرما وشارعا، وفي هذا ما فيه نعوذ بالله منه. وأيضا فإنك تصير قاضيا على الباري تعالى، ومتحكما عليه أن تلزم في دينه - الذي لم يشرعه سواه - أحكاما تشرعها أنت، وفي هذا البرهان كفاية. وبالله تعالى نتأيد.
حدثنا أحمد بن عمر بن أنس، نا الحسين بن يعقوب، نا سعيد بن فحلون، نا يونس ابن يحيى المغامي، نا عبد الملك بن حبيب، أخبرني بن الماجشون أنه قال: قال مالك بن أنس: من أحدث في هذه الأمة اليوم شيئا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لان الله تعالى يقول: * اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) * فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا، وقد ذكر الطحاوي عن أبي حنيفة أنه قال: علمنا هذا رأي فمن أتانا بخير منه قبلناه.
(٧٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 786 787 788 789 790 791 792 793 794 795 796 ... » »»
الفهرست