تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٢٦
الذكر ليطيعوه فيه وأن في تمرده ومخالفته الحساب الشديد والعذاب الأليم وفي طاعته الجنة الخالدة كل ذلك لأنه قدير عليم.
فقوله: " الله الذي خلق سبع سماوات " تقدم بعض الكلام فيه في تفسير سورة حم السجدة.
وقوله: " ومن الأرض مثلهن " ظاهره المثلية في العدد، وعليه فالمعنى: وخلق من الأرض سبعا كما خلق من السماء سبعا فهل الأرضون السبع سبع كرات من نوع الأرض التي نحن عليها والتي نحن عليها إحداها؟ أو الأرض التي نحن عليها سبع طبقات محيطة بعضها ببعض والطبقة العليا بسيطها الذي نحن عليه؟ أو المراد الأقاليم السبعة التي قسموا إليها المعمور من سطح الكرة؟ وجوه ذهب إلى كل منها جمع وربما لاح بالرجوع إلى ما تقدم في تفسير سورة حم السجدة محتمل آخر غيرها.
وربما قيل: إن المراد بقوله: " ومن الأرض مثلهن " أنه خلق من الأرض شيئا هو مثل السماوات السبع وهو الانسان المركب من المادة الأرضية والروح السماوية التي فيها نماذج سماوية ملكوتية.
وقوله: " يتنزل الامر بينهن " الظاهر أن الضمير للسماوات والأرض جميعا والامر هو الامر الإلهي الذي فسره بقوله: " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن " يس: 83، وهو كلمة الايجاد، وتنزله هو أخذه بالنزول من مصدر الامر إلى سماء بعد سماء حتى ينتهي إلى العالم الأرضي فيتكون ما قصد بالامر من عين أو أثر أو رزق أو موت أو حياه أو عزة أو ذلة أو غير ذلك قال تعالى: " وأوحى في كل سماء أمرها " حم السجدة: 12، وقال: " يدبر الامر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون " ألم السجدة 5.
وقيل: المراد بالامر الامر التشريعي يتنزل ملائكة الوحي به من السماء إلى النبي وهو بالأرض. وهو تخصيص من غير مخصص وذيل الآية " لتعلموا أن الله " الخ، لا يلائمه.
وقوله: " أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما " من الغايات المترتبة على خلقه السماوات السبع ومن الأرض مثلهن وتنزيله الامر بينهن، وفي ذلك انتساب الخلق والامر إليه واختصاصهما به فإن المتفكر في ذلك لا يرتاب في قدرته على كل
(٣٢٦)
مفاتيح البحث: السجود (4)، الخلود (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست