تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٣٠
أنه كان عملا من الأعمال المحللة التي يقترفها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ترتضيه أزواجه فضيقن عليه وآذينه حتى أرضاهن بالحلف على أن يتركه ولا يأتي به بعد.
فقوله: " يا أيها النبي " علق الخطاب والنداء بوصف النبي دون الرسول لاختصاصه به في نفسه دون غيره حتى يلائم وصف الرسالة.
وقوله: " لم تحرم ما أحل الله لك " المراد بالتحريم التسبب إلى الحرمة بالحلف على ما تدل عليه الآية التالية فإن ظاهر قوله: " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " الخ، أنه صلى الله عليه وآله وسلم حلف على ذلك ومن شأن اليمين أن يوجب عروض الوجوب إن كان الحلف على الفعل والحرمة وإن كان الحلف على الترك، وإذ كان صلى الله عليه وآله وسلم حلف على ترك ما أحل الله له فقد حرم ما أحل الله له بالحلف.
وليس المراد بالتحريم تشريعه صلى الله عليه وآله وسلم على نفسه الحرمة فيما شرع الله له فيه الحلية فليس له ذلك.
وقوله: " تبتغي مرضاة أزواجك " أي تطلب بالتحريم رضاهن بدل من " تحرم " الخ، أو حال من فاعله، والجملة قرينة على أن العتاب بالحقيقة متوجه إليهن، ويؤيده قوله خطابا لهما: " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " الخ، مع قوله فيه: والله غفور رحيم ".
قوله تعالى: " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم " قال الراغب: كل موضع ورد فرض الله عليه ففي الايجاب الذي أدخله الله فيه، وما ورد من فرض الله له فهو في أن لا يحظره على نفسه نحو " ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له " وقوله: " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ". انتهى. والتحلة أصلها تحللة على وزن تذكرة وتكرمة مصدر كالتحليل، قال الراغب: وقوله عز وجل: " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " أي بين ما تحل به عقدة أيمانكم من الكفارة.
فالمعنى: قد قدر الله لكم - كأنه قدره نصيبا لهم حيث لم يمنعهم عن حل عقدة اليمين - تحليل أيمانكم بالكفارة والله وليكم الذي يتولى تدبير أموركم بالتشريع والهداية وهو العليم الحكيم.
وفي الآية دلالة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد حلف على الترك، وأمر له بتحلة يمينه.
قوله تعالى: " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست