تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٣٣
فقال: " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم " الخ، و " يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا " الخ، وقال: " يا أيها الذين آمنوا توبوا " الخ، و " يا أيها النبي جاهد " الخ، وقال:
" ضرب الله مثلا للذين كفروا "، " وضرب الله مثلا للذين آمنوا ".
قوله تعالى: " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن " إلى آخر الآية استغناء إلهي فإنهن وإن كن مشرفات بشرف زوجية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن الكرامة عند الله بالتقوى كما قال تعالى: " فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما " الأحزاب:
29، انظر إلى مكان " منكن " وقال: " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما " الأحزاب: 31.
ولذا ساق الاستغناء بترجي إبداله إن طلقهن أزواجا خيرا منهن، وعلق الخبر بما ذكر لأزواجه الجديدة من صفات الكرامة وهي أن يكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات - أي صائمات - ثيبات وأبكارا.
فمن تزوج بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانت متصفة بمجموع هذه الصفات كانت خيرا منهن وليس إلا لأجل اختصاص منها بالقنوت والتوبة أو القنوت فقط مع مشاركتها لهن في باقي الصفات، والقنوت هو لزوم الطاعة مع الخضوع.
ويتأيد هذا المعنى بما في مثل مريم الآتي في آخر السورة من ذكر القنوت " وكانت من القانتين " فالقنوت هو الذي يفقدنه وهو لزومهن طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي فيها طاعة الله واتقاؤهن أن يعصين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويؤذينه.
وبما مر يظهر فساد قول من قال إن وجه خيرية أزواجه اللاحقة من أزواجه السابقة إن طلقهن، هو تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهن وانفصال الأزواج السابقة وزوجيته صلى الله عليه وآله وسلم شرف لا يقدر قدره.
وذلك أنه لو كان ملاك ما ذكر في الآية من الخير هو الزوجية كان كل من تزوج صلى الله عليه وآله وسلم من النساء أفضل وأشرف منهن إن طلقهن وإن لم تتلبس بشئ مما ذكر من صفات الكرامة فلم يكن مورد لعد ما عد من الصفات.
قال في الكشاف: فإن قلت: لم أخليت الصفات كلها عن العاطف ووسط بين الثيبات والابكار؟ قلت: لأنهما صفتان متنافيتان لا يجتمعن فيهما اجتماعهن في سائر الصفات. انتهى.
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست