تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٣١
عليه قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير " السر هو الحديث الذي تكتمه في نفسك وتخفيه، والاسرار إفضاؤك الحديث إلى غيرك مع إيصائك بإخفائه، وضمير " نبأت " لبعض أزواجه، وضمير " به " للحديث الذي أسره النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليها، وضمير " أظهره " للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وضمير " عليه " لانبائها به غيرها وإفشائها السر، وضمير " عرف وأعرض " للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وضمير " بعضه " للحديث، والإشارة بقوله: " هذا " لانبائها غيره وإفشائها السر.
ومحصل المعنى: وإذ أفضى النبي إلى بعض أزواجه - وهي حفصة بنت عمر بن الخطاب - حديثا وأوصاها بكتمانه فلما أخبرت به غيرها وأفشت السر خلافا لما أوصاها به، وأعلم الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها نبأت به غيرها وأفشت السر عرف وأعلم بعضه وأعرض عن بعض آخر، فلما خبرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحديث قالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: من أنبأك وأخبرك أني نبأت به غيري وأفشيت السر؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نبأني وخبرني العليم الخبير وهو الله العليم بالسر والعلانية الخبير بالسرائر.
قوله تعالى: " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " أي إن تتوبا إلى الله فقد تحقق منكما ما يستوجب عليكما التوبة وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه، الخ.
وقد اتفق النقل على أنهما عائشة وحفصة زوجا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والصغو الميل والمراد به الميل إلى الباطل والخروج عن الاستقامة وقد كان ما كان منهما من إيذائه والتظاهر عليه صلى الله عليه وآله وسلم من الكبائر وقد قال تعالى: " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا " الأحزاب: 57، وقال:
" والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم " التوبة: 61.
والتعبير بقلوبكما وإرادة معنى التثنية من الجمع كثير النظير في الاستعمال.
وقوله: " وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه " الخ، التظاهر التعاون، وأصل " وإن تظاهرا " وإن تتظاهرا، وضمير الفصل في قوله: " فإن الله هو مولاه " للدلالة على أن لله سبحانه عناية خاصة به صلى الله عليه وآله وسلم ينصره ويتولى أمره من غير واسطة من خلقه، والمولى الولي الذي يتولى أمره وينصره على من يريده بسوء.
و " جبريل " عطف على لفظ الجلالة، و " صالح المؤمنين " عطف كجبريل، والمراد
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست