تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٣٦
من نفسه وهو الحياء المفرط مصدره الخزاية، والذي يلحقه من غيره ويعد ضربا من الاستخفاف مصدره الخزي والاخزاء من الخزاية والخزي جميعا قال: وعلى نحو ما قلنا في خزي ذل وهان فإن ذلك متى كان من الانسان نفسه يقال له الهون - بفتح الهاء - والذل ويكون محمودا، ومتى كان من غيره يقال له: الهون - بضم الهاء - والهوان والذل ويكون مذموما. انتهى ملخصا.
" فقوله: " يوم " ظرف لما تقدمه، والمعنى: توبوا إلى الله عسى أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم الجنة في يوم لا يخزي ولا يكسر الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجعلهم محرومين من الكرامة وخلفه ما وعدهم من الوعد الجميل.
وفي قوله: " النبي والذين آمنوا معه " اعتبار المعية في الايمان في الدنيا ولازمه ملازمتهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطاعتهم له من غير مخالفة ومشاقة.
ومن المحتمل أن يكون قوله: " الذين آمنوا " مبتدأ خبره " معه " وقوله: " نورهم يسعى " الخ، خبرا ثانيا، وقوله: " يقولون " الخ، خبرا ثالثا فيفيد أنهم لا يفارقون النبي ولا يفارقهم يوم القيامة، وهذا وجه جيد لازمه كون عدم الخزي خاصا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وسعي النور وسؤال إتمامه خاصا بالذين معه من المؤمنين وتؤيده آية الحديد الآتية.
ومن الممكن أن يكون " معه " متعلقا بقوله: " آمنوا " وقوله: " نورهم يسعى " الخ، خبرا أولا وثانيا للموصول.
وقوله: " يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم " تقدم بعض الكلام في معناه في قوله تعالى: " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم " الحديد: 12، ولا يبعد أن يكون ما بين أيديهم من النور نور الايمان وما بأيمانهم نور العمل.
وقوله: " يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير " يفيد السياق أن المغفرة المسؤولة سبب لتمام النور أو هو ملازم لتمام النور فيفيد أن في نورهم نقصا والنور نور الايمان والعمل فلهم نقائص بحسب درجات الايمان أو آثار السيئات التي خلت محالها في صحائفهم من العبودية في العمل فيسألون ربهم أن يتم لهم نورهم ويغفر لهم، واليه الإشارة بقوله تعالى: " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " الحديد: 19.
قوله تعالى: " يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»
الفهرست