إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٤٣٠
(قوله: من لم تستوف حقها) أي من القسم: بأن طلقها قبل تمام الدور. وقوله بعد حضور وقته: أي الحق بأن ابتدأ الدور ببعض الزوجات فيجب عليه أن يتممه (قوله: وإن كان الطلاق رجعيا) غاية في العصيان (قوله: قال ابن الرفعة ما لم يكن) أي الطلاق بسؤالها، فإن كان به فلا يعصي. والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل في الخلع أي في بيان أحكامه. وهو نوع من الطلاق: وإنما قدمه عليه لترتبه على النشوز غالبا. والأصل فيه قبل الاجماع قوله تعالى: * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * (1) وخبر البخاري: عن ابن عباس رضي الله عنهما أتت امرأة ثابت بن قيس النبي (ص) فقالت يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه، وفي رواية ما أنقم عليه، في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الاسلام، أي كفران النعمة فقال تردين عليه حديقته؟ قالت نعم. قال: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة وفي رواية: فردتها وأمره بفراقها وهو أول خلع في الاسلام: والمعنى فيه أنه لما جاز أن يملك الزوج الانتفاع بالبضع بعوض جاز أن يزيل ذلك الملك بعوض، كالشراء والبيع، فالنكاح كالشراء، والخلع كالبيع. وأيضا فيه دفع الضرر عن المرأة غالبا. وأركانه خمسة: ملتزم للعوض، وبضع، وعوض، وزوج، وصيغة: وشرط في الملتزم إطلاق تصرف مالي فلو اختلعت أمة ولو مكاتبة بلا إذن سيدها بعين من ماله أو غيره بانت بمهر المثل في ذمتها لا بما عينته وتطالب به بعد العتق واليسار. وإن اختلعت بإذنه فإن أطلق الاذن وجب مهر المثل في كسبها ومما في يدها من مال تجارة، وإن قدر لها دينا في ذمتها تعلق المقدر بذلك أيضا، وإن عين لها عينا من ماله تعينت، ولو اختلعت محجورة بسفه طلقت رجعيا ولغا ذكر المال، أو مريضة مرض موت صح ويحسب من الثلث ما زاد على مهر مثلها، فإن لم يسعه الثلث فسخ المسمى ورجع لمهر المثل وشرط في البضع ملك الزوج له فيصح الخلع في الرجعية لأنها كالزوجة في كثير من الاحكام، لا في بائن، وشرط في العوض كونه مقصودا معلوما راجعا لجهة الزوج مقدورا على تسلمه. وشرط في الزوج كونه ممن يصح طلاقه فيصح خلع عبد وسيفه ولو بلا إذن سيده ووليه ولا يصح خلع صبي ومجنون ومكره لعدم صحة طلاقهم. وشرط في الصيغة ما مر فيها في البيع، لكن لا يضر هنا تخلل كلام يسير لكونه معاوضة غير محضة، وهي كل لفظ من ألفاظ الطلاق صريحه وكنايته. وكلها تعلم من كلامه (قوله: بضم الخاء) هو حينئذ اسم مصدر لاختلع، ومصدر سماعي لخلع. وأما المصدر القياسي فهو خلع بفتح الخاء كما قال ابن مالك:
فعل، قياس مصدر المعدي من ذي ثلاثة، كرد، ردا (قوله: من الخلع بفتحها) أي الخلع، بضم الخاء، مشتق من الخلع، بفتحها، وإنما صح الاشتقاق منه لاختلاف الهيئة، أي الحركات والسكنات، وقولهم المصدر المجرد لا يشتق من المجرد: محله إذا لم يختلفا في الهيئة قال في جمع الجوامع: والاشتقاق رد لفظ إلى آخر لمناسبة بينهما في المعنى والحروف والأصول، ولا بد من تغيير: أي ولو في الهيئة. اه‍. ش ق. بتصرف (قوله: وهو النزع) أي الخلع، بفتح الخاء، النزع، فيكون معنى الخلع، بضمها، لغة النزع أيضا لأنه مأخوذ منه ومناسبته للمعنى الشرعي بينها بقوله لان كلا من الزوجين لباس للآخر: أي فكأنه بمفارقة الآخر نزع لباسه (قوله: كما في الآية) أي وهي: * (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) * (2) أي كاللباس. ووجه الشبه بين اللباس والرجل والمرأة أن كلا منهما يلاصق صاحبه. ويشتمل عليه عند المعانقة والمضاجعة، كما يلاصق اللباس صاحبه،

(1) سورة البقرة، الآية: 229.
(2) سورة البقرة، الآية: 187.
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»
الفهرست