إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٩
والوحل الشديدان ونحوهما فإن بعث لها مركوبا ووقاية من المطر فلا يجوز، وإلا فينبغي أن يكون عذرا. اه‍. (قوله: أو كانت ذات قدر) معطوف على إن عذرت. وقوله وخفرا، بفتحتين، شدة الحياء. صحاح. وقوله لم تعتد البروز: الجملة صفة لذات قدر وخفر (قوله: ويجوز له أن يؤدبها على شتمها له) أي يجوز للزوج أن يؤدبها إذا شتمته وليس له أن يرفعها إلى القاضي لان ذلك يكثر بين الزوجين فيشق الرفع فيه إلى القاضي فخفف فيه. وجعل التأديب منه من غير رفع إلى القاضي. وليس الشتم من النشوز. ومثله في ذلك مطلق الايذاء باللسان أو بغيره.
(تتمة) لو منع الزوج زوجته حقها، كقسم ونفقة، ألزمه القاضي توفيته إذا طلبته لعجزها عنه، فإن أساء خلقه وآذاها بضرب أو غيره بلا سبب نهاه عن ذلك ولا يعزره، فإن عاد إليه وطلبت تعزيره من القاضي عزره بما يليق به لتعديه عليها، وإنما لم يعزره في المرة الأولى وإن كان القياس جوازه إذا طلبته لان إساءة الخلق تكثر بين الزوجين والتعزير عليها يورث وحشة بينهما فيقتصر أولا على النهي لعل الحال يلتئم بينهما، فإن عاد عزره وهن قال كل من الزوجين إن صاحبه متعد عليه تعرف القاضي الحال الواقع بينهما بثقة بخبرهما ويكون الثقة جارا لهما، فإن عدم أسكنهما بجنب ثقة يتعرف حالهما ثم ينهى إليه ما يعرفه. فإذا تبين للقاضي حالهما منع الظالم منهما من عوده لظلمه، فإن اشتد الشقاق بينهما بعث القاضي حكما من أهله وحكما من أهلها لينظرا في أمرهما والبعث واجب ومن أهلهما سنة وهما وكيلان لهما لا حكمان من جهة الحاكم فيوكل هو حكمه بطلاق أو خلع وتوكل هي حكمها ببذل عوض وقبول طلاق به ويفرقان بينهما إن رأياه صوابا.
ويشترط فيهما إسلام وحرية وعدالة واهتداء إلى المقصود من بعثهما له. وإنما اشترط فيهما ذلك، مع أنهما وكيلان، لتعلق وكالتهما بنظر الحاكم كما في أمينه. ويسن كونهما ذكرين، فإن اختلف رأيهما بعث القاضي اثنين غيرهما حتى يجتمعا على شئ، فإن لم يرض الزوجان ببعث الحكمين ولم يتفقا على شئ أدب القاضي الظالم منهما واستوفى للمظلوم حقه.
(فائدة) الخلق: بضم اللام وإسكانها، السجية والطبع، ولهما أوصاف حسنة وأوصاف قبيحة. وقد روي: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وروى أيضا أنه (ص) قال: ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة؟
أحاسنكم أخلاقا، الموطأون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون ورأيت في حاشية المكودي ما نصه: روى الحسن عن الحسن عن أبي الحسن عن جد الحسن: أن من أحسن الحسن الخلق الحسن وقال هكذا سمعناه من سيدي عبد السلام بن الناصر. اه‍. ولله در القائل:
بمكارم الأخلاق كن متخلقا ليفوح مسك ثنائك العطر الشذي وانفع صديقك إن أردت صداقة وادفع عدوك بالتي فإذا الذي ويشير بقوله وادفع الخ: إلى آية: * (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) * (1) اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها فإنه لا يصرفها إلا أنت آمين.
(قوله تتمة) أي في بيان ما يترتب على وجوب القسم. وذكرها هنا استطرادي، وإلا فسيأتي بذكر محصلها في أول باب الطلاق عند تعدد أحكامه (قوله: يعصي) أي الزوج. ومحل العصيان ما لم ترض بعدم القسم. وإلا فلا عصيان

(1) سورة فصلت، الآية: 34.
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست