إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٤٣٣
(واعلم) أن ما كان صريحا في الطلاق يكون صريحا هنا، وما كان كناية هناك يكون كناية هنا. ومنها فسخ وبيع:
كأن يقول فسخت نكاحك بألف وبعتك نفسك بألف فتقبل فيحتاج في وقوعه إلى النية. ومن الصريح مشتق مفاداة لورود القرآن به: قال تعالى: * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * (1) ومشتق خلع لشيوعه عرفا واستعمالا في الطلاق (قوله: ولو كان الخ) غاية لكون الخلع الشرعي بالفرقة المذكورة: أي هو في الشرع ما ذكر، ولو كان الخلع في زوجة رجعية (قوله:
لأنها) أي الرجعية. وقوله في كثير من الاحكام: أي كلحوق الطلاق واللعان والميراث. ونظم بعضهم جميع الأحكام التي تثبت للرجعية في بيت مفرد فقال:
طلاق وإيلاء ظهار وراثة لعان لحقن الكل من هي رجعة أي ذات رجعة (قوله: فلو جرى الخلع الخ) لا يحسن تفريعه على ما قبله، بل هو مفرع على محذوف يعلم من عبارة غيره وهو لفظ الخلع صريح. وفي قول كناية: فعلى الأول لو جرى بغير ذكر مال وجب مهر مثل في الأصح. قال في التحفة: لاطراد العرف بجريانه بمال فرجع عند الاطلاق لمهر المثل لأنه المراد كالخلع بمجهول. وقضيته وقوع الطلاق جزما، وإنما الخلاف هل يجب عوض أو لا؟ وانتصر له جمع محققون وقالوا أنه طريقة الأكثرين. والذي في الروضة أنه عند عدم ذكر المال كناية. اه‍. وقوله عند عدم ذكر المال: أي وعدم نيته كما في النهاية ونصها: والأوجه لو جرى معها، وصرح بالعوض أو نواه وقبلت بانت أو عري عن ذلك، أي ذكر المال، ونيته ونوى الطلاق وأضمر التماس جوابها وقبلت وقع بائنا. فإن لم يضمر جوابها ونوي وقع رجعيا وإلا فلا. اه‍. ونقل سم العبارة المذكورة وكتب عليها ما نصه: وقوله والأوجه الخ، ينبغي جريان هذا التفصيل مع الأجنبي وبحثت به مع م ر فوافق. اه‍. وقوله بانت: أي بما ذكره أو نواه. اه‍. ع ش. وفي البجيرمي ما نصه: وعبارة الزيادي والمعتمد ما في الروضة من أن شرط صراحته ذكر المال، ومثل ذكره نيته، أي المال، فإن ذكر مالا وجب وإن نواه وجب مهر المثل ولا بد من القبول في هاتين الحالتين سواء أضمن الالتماس أم لا، وإن لم تذكر مالا ولا نواه كان كناية في الطلاق. فإن نوى به الطلاق نظر: فإن أضمر التماس قبولها وقبلت وكانت أهلا للالتزام وقع بائنا بمهر المثل، وإن لم يضمر وقع رجعيا، وكذا إن لم تقبل، فإن لم ينويا الطلاق لم يقع شئ. اه‍. بزيادة. وقوله بلا ذكر عوض: أي ولا نيته، فإن نواه فإن وافقته عليه وجب ووقع الطلاق بائنا، وإن لم توافقه عليه وقع بائنا بمهر المثل. وقوله معها: أي الزوجة، والظرف متعلق بجري. وقوله بنية التماس قبول منها: متعلق بجري أيضا. وخرج به ما لو لم ينو التماس قبولها فإن كان قد نوى الطلاق وقع رجعيا، وإلا فلا يقع شئ، كما يعلم مما تقدم آنفا، (قوله: كأن قال خالعتك الخ) تمثيل للخلع الجاري بلا ذكر عوض. وقوله ونوى التماس قبولها: قد علمت مفهومه: وقوله فقبلت: خرج به ما لو لم تقبل فإنه لا يقع شئ أصلا. كذا في سم ومثله في الجمل ونص عبارته: قوله فقبلت لم يذكر الشارح محترز هذا القيد، ومحترزة أنها إذا لم تقبل في هذه الحالة لا يقع طلاق أصلا، كما علم من كلامه سابقا عند قول المتن طلقت رجعيا، قال الشارح: ولو خالعها فلم تقبل لم يقع طلاق. اه‍. (قوله: فمهر مثل يجب عليها) أي مع وقوع الطلاق بائنا (قوله: لاطراد الخ) علة لوجوب مهر المثل، وفيه أن هذه العلة إنما تنتج وجوب مطلق العوض، لا خصوص مهر المثل، ولو زاد بعد قوله بجريان ذلك بعوض ما ذكره شيخه بعده في عبارته المار نقلها لكان أولى، لأنه هو الذي ينتج ذلك. وقوله بجريان ذلك: أي الخلع: أي لفظه (قوله: فإن جرى) أي الخلع بلا ذكر عوض.
وقوله مع أجنبي: هذا محترز قوله معها وصورة جريانه مع أجنبي أن يقول الزوج للأجنبي خالعت امرأتي فيقبل ذلك الأجنبي الخلع فإنها تطلق مجانا. وقوله طلقت: أي طلاقا بائنا إن نوى الزوج الطلاق وأضمر التماس جواب الأجنبي،

(1) سورة البقرة، الآية: 229.
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست