إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٣٣
ومحل الخلاف عند مواطأة البائع للناجش، وإلا فلا خيار جزما. ويجري الوجهان فيما لو قال البائع: أعطيت في هذه السلعة كذا، فبان خلافه. وكذا لو أخبره عارف بأن هذا عقيق، أو فيروز بمواطأة، فبان خلافه. اه‍. نهاية. (قوله:
لتفريط المشتري) علة لعدم الخيار. (قوله: بالكذب) قال ع ش: قضيته أنه لو كان صادقا في الوصف لم يكن مثله - أي النجش - وهو ظاهر. اه‍. (قوله: وشرط التحريم في الكل) أي الاحتكار وما بعده. (وقوله: علم النهي حتى في النجش) أي لقول الشافعي رضي الله عنه: من نجش فهو عاص بالنجش إن كان عالما بنهي رسول الله (ص). وفي النهاية: لا أثر للجهل في حق من هو بين أظهر المسلمين بخصوص تحريم النجش ونحوه. وقد أشار السبكي إلى أن من لم يعلم الحرمة لا إثم عليه عند الله. وأما بالنسبة للحكم الظاهر للقضاة، فما اشتهر تحريمه لا يحتاج إلى اعتراف متعاطيه بالعلم - بخلاف الخفي - وظاهره أنه لا إثم عليه عند الله وإن قصر في التعلم، والظاهر أنه غير مراد. اه‍. (قوله: ويصح البيع مع التحريم في هذه المواضع) وهي الاحتكار، وما ذكر بعده.
(خاتمة) نسأل الله حسن الختام.
(إعلم) أن البيع تعتريه الأحكام الخمسة، فيجب في نحو اضطرار، ومال مفلس محجور عليه. ويندب في نحو زمن الغلاء، وفي المحاباة للعالم بها. ويكره في نحو: بيع مصحف، ودور مكة، وفي سوق اختلط فيه الحرام بغيره، وممن أكثر ماله حرام، خلافا للغزالي، وفي خروج من حرام بحيلة، كنحو ربا ويحرم في بيع نحو العنب، على ما مر، ويجوز فيما عدا ذلك. والله أعلم.
فصل في خياري المجلس والشرط وخيار العيب لما فرغ من بيان صحة العقد وفساده، شرع في بيان لزومه وجوازه. والجواز سببه الخيار. والأصل في البيع:
اللزوم، لان القصد منه نقل الملك، وقضية الملك التصرف، وكلاهما فرع اللزوم، إلا أن الشارع أثبت فيه الخيار رفقا بالمتعاقدين. وهو نوعان: خيار تشبه، وخيار نقيصة - أي عيب - والأول ما يتعاطاه المتعاقدان باختيارهما وشهوتهما من غير توقف على فوات أمر في المبيع، وسببه المجلس، أو الشرط. والإضافة فيه - وفي خيار العيب - من إضافة المسبب إلى السبب. وعد المصنف الأنواع ثلاثة: خيار المجلس وخيار الشرط وخيار العيب. والاخصر والأولى ما ذكرته، لان الأولين فردان لخيار التشهي، لا نوعان.
(قوله: يثبت خيار مجلس) أي قهرا عن المتعاقدين، حتى لو شرط نفيه بطل البيع، وهو اسم من الاختيار الذي هو طلب خير الامرين من الامضاء والفسخ (قوله: في كل بيع) أي وإن استعقب عتقا، كشراء بعضه إن قلنا إن الملك في زمن الخيار للبائع أو موقوف، فإن قلنا للمشتري فالخيار للبائع فقط. (وقوله حتى في الربوي) أي حتى أنه يثبت الخيار في بيع الربوي، كبيع الطعام بالطعام. (وقوله: والسلم) أي في عقد السلم، لأنه بيع موصوف في الذمة. (قوله: وكذا في هبة ذات ثواب) أي وكذا يثبت الخيار في هبة ذات عوض، لأنها بيع حقيقي. (وقوله: على المعتمد) مقابله لا يثبت الخيار فيها - وهو ما جرى عليه النووي في منهاجه (قوله: وخرج بفي: كل بيع) أي بقوله في كل بيع، وقوله غير البيع:
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست