إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٢٢١
باب في الاقرار أي في بيان أحكام الاقرار، من كونه لا يصح الرجوع عنه إذا كان لحق آدمي. والأصل فيه قبل الاجماع، قوله تعالى: * (أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري؟) * أي عهدي، * (قالوا أقررنا) * (1) وقوله تعالى: * (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم) * (2) وفسرت شهادة المرء على نفسه بالاقرار، وقوله تعالى: * (وليملل الذي عليه الحق) * إلى قوله * (فليملل وليه بالعدل) * (3) أي فليقر بالحق، دل أوله على صحة إقرار الرشيد على نفسه، وآخره على صحة إقرار الولي على موليه، وخبر الصحيحين اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فذهب إليها، فاعترفت، فرجمها وأجمعت الأمة على المؤاخذة به. وأركانه أربعة: مقر، ومقر له، ومقر به، وصيغة. وشرط فيها لفظ يشعر بالالتزام، وفي معناه الكتابة مع النية وإشارة الأخرس المفهمة، كلزيد علي أو عندي كذا، فلو حذف علي أو عندي لم يكن إقرارا، كما سيأتي، وشرط في المقر له أن يكون معينا نوع تعيين، بحيث يتوقع منه الدعوى والطلب، حتى لو قال لاحد هؤلاء الثلاثة علي كذا، صح إقراره، بخلاف ما لو قال لواحد من أهل البلد علي كذا، وأن يكون أهلا لاستحقاق في المقر به ولصحة إسناده إليه. فلو قال لهذه الدابة علي كذا لم يصح، لأنها ليست أهلا لذلك، إلا إن قال علي بسببها لفلان كذا حملا على أنه جنى عليها أو استعملها تعديا أو اكتراها من مالكها. ومحل البطلان في الدابة المملوكة، بخلاف غيرها، كالخيل المسبلة، فالأشبه، كما قاله الأذرعي، الصحة. ويحمل على أنه من غلة وقف عليها أو وصية لها. وأن يكون غير مكذب للمقر، فلو كذبه في إقراره له بمال ترك في يد المقر، لأنها تشعر بالملك، وسقط الاقرار بمعارضة الانكار، فلو رجع عن التكذيب لم يعد له إلا بإقرار جديد، وشرط في المقر إطلاق تصرف واختيار. وشرط في المقر به أن لا يكون ملكا للمقر حين يقر. فقوله ديني أو داري لعمرو لغو، لان الإضافة إليه تقتضي ملكه، فتنافي الاقرار لغيره في جملة واحدة، وأن يكون بيد المقر، ولو مآلا، فلو لم يكن بيده حالا ثم صار بها عمل بمقتضى إقراره، وغالب ما ذكر يستفاد من كلام المؤلف (قوله: هو) أي الاقرار. (وقوله: لغة الاثبات) أي فهو مأخوذ من أقر بمعنى أثبت يقر إقرارا، فهو مقر، فقولهم مأخوذ من قر، بمعنى ثبت فيه تجوز (قوله: وشرعا الخ) قال ع ش: بين المعنى اللغوي والشرعي التباين، لان إخبار الشخص الخ غير الاثبات، وبينهما التناسب بحسب الأول. اه‍. (وقوله: بحق عليه) أي بحق على المقر لغيره، فخرجت الشهادة، لأنها إخبار يحق للغير على الغير، والدعوى أيضا لأنها إخبار بحق له على غيره، وهذا كله في الأمور الخاصة، وأما الأمور العامة، أي التي تقتضي أمرا عاما لكل أحد، فإن أخبر فيها عن محسوس كإخبار الصحابي أن النبي (ص) قال: إنما الأعمال بالنيات فرواية، وإن أخبر عن أمر شرعي، فإن كان فيه إلزام فحكم، وإلا ففتوى. فتحصل ان الأقسام ستة (قوله: أيضا بحق عليه) كان ينبغي أن يزيد أو عنده، ليشمل الاقرار بالعين. اه‍. ش ق (قوله: ويسمى) أي مذلول الاقرار لغة، أو شرعا، (وقوله: اعترافا) أي كما يسمى إقرارا (قوله: يؤخذ بإقرار مكلف) يصح في إعراب هذا التركيب

(1) سورة آل عمران، الآية: 81.
(2) سورة النساء، الآية: 135.
(3) سورة البقرة، الآية: 282.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست