إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٥
كانت هذه المذكورات إقرارا لان المفهوم، أي المتبادر منها عرفا، ذلك، لكن هذه العلة لا تظهر إلا في الثلاثة الأول، أعني نعم وبلى وصدقت، لا فيما عداها، أعني أبرأتني وما بعده، فكان عليه أن يزيد بعد هذه العلة ولان دعوى الابراء أو القضاء اعتراف بالأصل، وعبارة المغني: أما الثلاثة الأول فلأنها ألفاظ موضوعة للتصديق، وفي معناها ما ذكر معها، وأما دعوى الابراء والقضاء، فلانه قد اعترف بالشغل وادعى الاسقاط والأصل عدمه. اه‍. وفي النهاية ما نصه: وفي نعم، بالنسبة لقوله أليس لي عليك ألف، وجه أنها ليست بإقرار، لأنها في اللغة تصديق للنفي المستفهم عنه، بخلاف بلى، فإنها رد له، ونفي النفي إثبات، ولهذا جاء عن ابن عباس في آية: * (ألست بربكم) * (1) لو قالوا نعم لكفروا ورد هذا الوجه بأن الأقارير ونحوها مبنية على العرف المتبادر من اللفظ، لا على دقائق العربية، وعلم منه عدم الفرق بين النحوي وغيره خلافا للغزالي ومن تبعه. اه‍. بتصرف (قوله: ولو قال) أي المدعي، وقوله اقض الألف الذي لي عليك، أي أد الألف التي أستحقها في ذمتك (قوله: أو أخبرت الخ) أي أو قال أخبرت أن لي عليك ألفا، والفعل يقرأ بصيغة المجهول (قوله:
فقال) أي المدعى عليه جوابا لقول المدعي ما مر. وقوله نعم. أو أمهلني، أي أو أقضي غدا، كما في المنهاج، قال في التحفة.
(تنبيه) ظاهر كلامهم، أو صريحه، أنه لا يشترط نحو ضمير أو خطاب في أقضي أو أمهلني. ويشكل عليه اشتراطه في أبرأتني وأبرئني أو أنا مقر. ومن ثم قال الأسنوي في أقضي: لا بد من نحو ضمير، لاحتماله للمذكور وغيره على السواء. اه‍. (قوله: أو لا أنكر ما تدعيه) أي أو قال جوابا له لا أنكر ما تدعيه (قوله: أو حتى أفتح الخ) أو داخله عن مقدر، أي أو قال أمهلني حتى أفتح الكيس أو أجد المفتاح أو الدراهم (قوله: فإقرار) أي فهو إقرار، والجملة جواب لو.
وإنما كانت إقرارا لأنه هو المفهوم من هذه الألفاظ عرفا، وهذا هو الأصح. ومقابله يقول ليست بإقرار، لأنها ليست صريحة في الالتزام (قوله: حيث لا استهزاء) أي مقترن بواحد من هذه الألفاظ، والأحسن جعل الظرف متعلقا بمحذوف، لا بلفظ إقرار الواقع قبله، وإن كان هو ظاهر صنيعه، وتقدير ذلك المحذوف، ومحل كون الجواب بجميع هذه الألفاظ نعم وما بعده إقرارا، حيث لا استهزاء موجود، وإلا فلا يكون إقرارا (قوله: فإن اقترن الخ) مفهوم القيد المذكور. وقوله بواحد مما ذكر، أي قوله نعم وما بعده على ما ذكرته، وقوله قرينة استهزاء، أي قرينة تدل على الاستهزاء (قوله: كإيراد كلامه) أي كلام نفسه، وهو تمثيل للقرينة الدالة على الاستهزاء (قوله: مما يدل الخ) بيان لنحو الضحك (قوله: أي وثبت ذلك) أي قرينة الاستهزاء المذكور، أي ببينة أو بإقرار المقر له أو يمين مردودة (قوله: لم يكن به مقرا على المعتمد) أي عند الرافعي من احتمالين له، وجزم به الرملي، ورجح ابن حجر والخطيب مقابله، وهو صحة الاقرار، وعبارة فتح الجواد لابن حجر، وإنما يتضمن كل من هذه الألفاظ الاقرار إن صدر بلا قرينة استهزاء، وإلا كتحريك الرأس تعجبا أو إنكارا لم يكن إقرارا لكن على أحد احتمالين، ذكرهما الرافعي وميله إليه، لكن الأوجه، كما قاله الأسنوي وغيره مقابله لضعف القرينة. اه‍. (قوله: وطلب البيع) أي كأن قال المدعى عليه للمدعي يعني ما تدعيه علي. وقوله إقرار بالملك، أي متضمن للاقرار له بأنه ملكه، وإلا لما طلب شراءه منه (قوله: والعارية والإجارة) أي وطلبهما كأن يقول المدعى عليه له أعرني ما تدعيه أو أجرني إياه، وقوله بملك المنفعة، أي إقرار بملكها، أي لا العين (قوله: لكن تعينها) أي المنفعة في صورة طلب العارية وصورة طلب الإجارة. قال العلامة الرشيدي: وظاهر أن المراد

(1) سورة الأعراف، الآية: 172
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست