بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ١ - الصفحة ٣٥

____________________
وأخرى لا يكون المعنى له هذه النسبة، بل تكون نسبته إلى الخارج نسبة العنوان إلى المعنون، ويكون الموجود في الخارج معنون ذلك العنوان لا نفسه. والمعنى الحرفي من قبيل الثاني، لا الأول، لان مدلول لفظ (من) أو (في) هو النسبة الواقعة بين المبتدأ به وهو السير، والمبتدأ من عنده وهو البصرة، والنسبة الواقعة بين الظرف وهو الكوز، والمظروف وهو الماء، وليس مدلول (من) و (في) مفهوم الابتداء ومفهوم الظرفية حتى يكون الفرق بينهما بالاستقلالية والآلية، وحيث إن مدلول الحرف هو النسبة وهي بذاتها وماهيتها تعلقية، ولا يعقل تصور ماهيتها إلا بالطرفين. فإذا ماهيتها وذاتها تعلقية وليس حالها حال العرض الذي يحتاج في وجوده لا في ماهيته إلى الغير، فإنهم قسموا الموجود إلى أربعة أقسام:
- الموجود في نفسه، بنفسه: وهو الواجب (1).
- الموجود في نفسه، بنفسه، لغيره: وهو الموجود الجوهري (2).
- الموجود في نفسه، بغيره: وهو العرض (3).
- الموجود لا في نفسه، في غيره، لغيره: وهو الوجود الرابط، كوجود النسب التي هي المعاني الحرفية.
ولا يخفى أن ما ليس له ماهية يمكن تصورها بنفسها لا يكون له طبيعي نسبته اليه نسبة الطبيعي إلى الفرد، بل يكون له دائما عنوان يمكن ان يرى بذلك العنوان، لوضوح ان الطبيعي هو الذي يمكن لحاظه بنفسه من دون أي فرد من افراده. والمعنى الحرفي لا يعقل فيه ذلك، لأنه ان لم يتصور طرفاه لا يمكن ان تحصل ذاته، لأنها بحقيقتها امر تعلقي، وان تصور الطرفان كان جزئيا ذهنيا، بل لأنه ليس له طبيعي عام يكون نسبته اليه نسبة الطبيعي والفرد، بل المتصور دائما عنوانه والموضوع له المعنون.
واتضح أيضا: ان سعة المعنى الحرفي وحقيقته انما هو بحسب طرفيه، فربما يكون له افراد متعددة، وربما لا يكون له إلا فرد واحد، ولعل هذا مراد من قال: ان المعنى الحرفي جزئي إضافي.

(1) الأولى ان يقال: الموجود في نفسه، لنفسه، بنفسه: وهو الواجب.
(2) وكذلك: الموجود في نفسه، لنفسه، بغيره: وهو الموجود الجوهري.
(3) ومثله الموجود في نفسه، لغيره، بغيره: وهو العرض.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 موضوع العلم 1
2 تمايز العلوم 11
3 موضوع علم الأصول 14
4 تعريف علم الأصول 22
5 في الوضع 24
6 أقسام الوضع 26
7 تحقيق المعنى الحرفي 29
8 الخبر والانشاء 36
9 أسماء الإشارة 38
10 في كيفية المجاز 40
11 استعمال اللفظ في اللفظ 41
12 الدلالة هل تتبع الإرادة أم لا؟ 48
13 هل للمركبات وضع مستقل؟ 54
14 علامات الحقيقة والمجاز 56
15 التبادر 57
16 صحة السلب 59
17 الاطراد وعدمه 63
18 تعارض الأحوال 65
19 ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه 68
20 في الصحيح والأعم 81
21 وضع ألفاظ العبادات 105
22 في الاشتراك 143
23 استعمال اللفظ في أكثر من معنى 149
24 في المشتق 163
25 اسم الزمان 175
26 الافعال والمصادر 178
27 دلالة الفعل على الزمان 179
28 امتياز الحرف عن الامر والفعل 188
29 اختلاف مبادئ المشتقات 193
30 المراد بالحال 196
31 تأسيس الأصل 204
32 الخلاف في المشتق 207
33 تبادر التلبس 209
34 صحة السلب عن المنقضي 210
35 المضاد دليل الاشتراط 211
36 اشكال على صحة السلب 222
37 أدلة كون المشتق حقيقة في المنقضي 227
38 مفهوم المشتق 242
39 الفرق بين المشتق والمبدأ 268
40 دفع اشتباه الفصول 274
41 كيفية جري الصفات على الله تعالى 278
42 كيفية قيام المبادئ بالذات 280
43 معاني لفظ الامر 295
44 اعتبار العلو في الامر 302
45 إفادة الامر الوجوب 305
46 الطلب والإرادة 314
47 معاني صيغة الامر 351
48 في أن الصيغة حقيقة في أي معنى 358
49 الجمل الخبرية المستعملة في الطلب 363
50 دلالة صيغة الامر على الوجوب 369
51 في التعبدي والتوصلي 373
52 مقتضى اطلاق الصيغة 406
53 الامر عقيب الحظر 409
54 في المرة والتكرار 414
55 المراد بالمرة والتكرار 423
56 فيما يحصل به الامتثال 429
57 في الفور والتراخي 435
58 الاتيان فورا ففورا 441
59 في الاجزاء 443