تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٨٠
ولو أخذ الواحد واحدا نوعيا كان المعنى: أبشرا هو واحد منا أي هو مثلنا ومن نوعنا نتبعه؟ وكانت الآية التالية مفسرة لها.
قوله تعالى: " أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر " الاستفهام كسابقه للانكار والمعنى: أأنزل الوحي عليه واختص به من بيننا ولا فضل له علينا؟ لا يكون ذلك أبدا، والتعبير بالالقاء دون الانزال ونحوه للاشعار بالعجلة كما قيل.
ومن المحتمل أن يكون المراد نفي أن يختص بإلقاء الذكر من بينهم وهو بشر مثلهم فلو كان الوحي حقا وجاز أن ينزل على البشر لنزل على البشر كلهم فما باله اختص بما من شأنه أن يرزقه الجميع؟ فتكون الآية في معنى قولهم له كما في سورة الشعراء: " ما أنت إلا بشر مثلنا " الشعراء: 154.
وقوله: " بل هو كذاب أشر " أي شديد البطر متكبر يريد أن يتعظم علينا بهذا الطريق.
قوله تعالى: " سيعلمون غدا من الكذاب الأشر " حكاية قوله سبحانه لصالح عليه السلام كالآيتين بعدها.
والمراد بالغد العاقبة من قولهم: إن مع اليوم غدا، يشير سبحانه به إلى ما سينزل عليهم من العذاب فيعلمون عند ذلك علم عيان من هو الكذاب الأشر صالح أو هم؟
قوله تعالى: " إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر " في مقام التعليل لما أخبر من أنهم سينزل عليهم العذاب والمفاد أنهم سينزل عليهم العذاب لأنا فاعلون كذا وكذا، والفتنة الامتحان والابتلاء، والمعنى: إنا مرسلون - على طريق الاعجاز - الناقة التي يسألونها امتحانا لهم فانتظرهم واصبر على أذاهم.
قوله تعالى: " ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر " ضمير الجمع الأول للقوم والثاني للقوم والناقة على سبيل التغليب، والقسمة بمعنى المقسوم، والشرب النصيب من شرب الماء، والمعنى: وخبرهم بعد إرسال الناقة أن الماء مقسوم بين القوم وبين الناقة كل نصيب من الشرب يحضر عنده صاحبه فيحضر القوم عند شربهم والناقة عند شربها قال تعالى: " قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم " الشعراء: 155.
قوله تعالى: " فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر " المراد بصاحبهم عاقر الناقة، والتعاطي التناول والمعنى: فنادى القوم عاقر الناقة لعقرها فتناول عقرها فعقرها وقتلها.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست