تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٨٥
قوله تعالى: " إن المجرمين في ضلال وسعر " جمع سعير وهي النار المسعرة وفي الآية تعليل لما قبلها من قوله: " والساعة أدهى وأمر " والمعنى: إنما كانت الساعة أدهى وأمر لهم لأنهم مجرمون والمجرمون في. ضلال عن موطن السعادة وهو الجنة ونيران مسعرة.
قوله تعالى: " يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر " السحب جر الانسان على وجهه، و " يوم " ظرف لقوله: " في ضلال وسعر "، و " سقر " من أسماء جهنم ومسها هو إصابتها لهم بحرها وعذابها.
والمعنى: كونهم في ضلال وسعر في يوم يجرون في النار على وجوههم يقال لهم:
ذوقوا ما تصيبكم جهنم بحرها وعذابها.
قوله تعالى: " إنا كل شئ خلقناه بقدر " " كل شئ " منصوب بفعل مقدر يدل عليه " خلقناه " والتقدير خلقنا كل شئ خلقناه، و " بقدر " متعلق بقوله: " خلقناه " والباء للمصاحبة، والمعنى: إنا خلقنا كل شئ مصاحبا لقدر.
وقدر الشئ هو المقدار الذي لا يتعداه والحد والهندسة التي لا يتجاوزه في شئ من جانبي الزيادة والنقيصة، قال تعالى: " وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم " الحجر: 21، فلكل شئ حد محدود في خلقه لا يتعداه وصراط ممدود في وجوده يسلكه ولا يتخطاه.
والآية في مقام التعليل لما في الآيتين السابقتين من عذاب المجرمين يوم القيامة كأنه قيل:
لماذا جوزي المجرمون بالضلال والسعر يوم القيامة وأذيقوا مس سقر؟ فأجيب بقوله:
" إنا كل شئ خلقناه بقدر " ومحصله أن لكل شئ قدرا ومن القدر في الانسان أن الله سبحانه خلقه نوعا متكاثر الافراد بالتناسل اجتماعيا في حياته الدنيا يتزود من حياته الدنيا الداثرة لحياته الآخرة الباقية، وقدر أن يرسل إليهم رسولا يدعوهم إلى سعادة الدنيا والآخرة فمن استجاب الدعوة فاز بالسعادة ودخل الجنة وجاور ربه، ومن ردها وأجرم فهو في ضلال وسعر.
ومن الخطأ أن يقال: إن الجواب عن السؤال بهذا النحو من المصادرة الممنوعة في الاحتجاج فإن السؤال عن مجازاته تعالى إياهم بالنار لاجرامهم في معنى السؤال عن تقديره ذلك، فمعنى السؤال: لم قدر الله للمجرمين المجازاة بالنار؟ ومعنى الجواب: أن الله قدر للمجرمين المجازاة بالنار، أو معنى السؤال: لم يدخلهم الله النار؟ ومعنى الجواب: أن
(٨٥)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (2)، الضلال (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست