تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٦٤
وقوله: قليلا ما تشكرون " أي تشكرون قليلا على هذه النعمة - أو النعم - العظمى فما زائدة وقليلا مفعول مطلق تقديره تشكرون شكرا قليلا، وقيل: ما مصدرية والمعنى: قليلا شكركم.
قوله تعالى: " قل هو الذي ذرأكم في الأرض واليه تحشرون " الذرء الخلق والمراد بذرئهم في الأرض خلقهم متعلقين بالأرض فلا يتم لهم كمالهم إلا بأعمال متعلقة بالمادة الأرضية بما زينها الله تعالى بما تنجذب إليه النفس الانسانية في حياتها المعجلة ليمتاز به الصالح من الطالح قال تعالى: " إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا " الكهف: 8.
وقوله: " واليه تحشرون " إشارة إلى البعث والجزاء ووعد جازم.
قوله تعالى: " ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " المراد بهذا الوعد الحشر الموعود، وهو استعجال منهم استهزاء.
قوله تعالى: " قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين " جواب عن قولهم: " متى هذا الوعد " الخ، ومحصله أن العلم به عند الله لا يعلم به إلا هو كما قال: " لا يجليها لوقتها إلا هو " الأعراف: 187، وليس لي إلا أني نذير مبين أمرت أن أخبركم أنكم إليه تحشرون وأما أنه متى هو فليس لي بذلك علم.
هذا على ما يفيده وقوع الآية في سياق الجواب عن السؤال عن وقت الحشر، وعلى هذا تكون اللام في العلم للعهد، والمراد العلم بوقت الحشر، وأما لو كانت للجنس على ما تفيده جملة " إنما العلم عند الله " في نفسها فالمعنى: إنما حقيقة العلم عند الله ولا يحاط بشئ منه إلا بإذنه كما قال: " ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء " البقرة: 255، ولم يشأ أن أعلم من ذلك إلا أنه سيقع وأنذركم به وأما أنه متى يقع فلا علم لي به.
قوله تعالى: " فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا " الخ، الزلفة القرب والمراد به القريب أو هو من باب زيد عدل، وضمير " رأوه " للوعد وقيل للعذاب والمعنى:
فلما رأوا الوعد المذكور قريبا قد أشرف عليهم ساء ذلك وجوه الذين كفروا به فظهر في سيماهم أثر الخيبة والخسران.
وقوله: " وقيل هذا الذي كنتم به تدعون " قيل تدعون وتدعون بمعنى واحد
(٣٦٤)
مفاتيح البحث: البعث، الإنبعاث (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست