والانفاق في سبيل الله وتتضمن عتاب المؤمنين على ما يظهر من علائم قسوة القلوب منهم، وتأكيد الحث على الانفاق ببيان درجة المنفقين عند الله والامر بالمسابقة إلى المغفرة والجنة وذم الدنيا وأهلها الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل.
وقد تغير السياق خلال الآيات إلى سياق عام يشمل المسلمين وأهل الكتاب بعد اختصاص السياق السابق بالمسلمين وسيجئ توضيحه.
قوله تعالى: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق " إلى آخر الآية، يقال: أنى يأني أني وإناء أي جاء وقته، وخشوع القلب تأثره قبال العظمة والكبرياء، والمراد بذكر الله ما يذكر به الله، وما نزل من الحق هو القرآن النازل من عنده تعالى و " من الحق " بيان لما نزل، ومن شأن ذكر الله تعالى عند المؤمن أن يعقب خشوعا كما أن من شأن الحق النازل من عنده تعالى أن يعقب خشوعا ممن آمن بالله ورسله.
وقيل: المراد بذكر الله وما نزل من الحق جميعا القرآن، وعلى هذا فذكر القرآن بوصفيه لكون كل من الوصفين مستدعيا لخشوع المؤمن فالقرآن لكونه ذكر الله يستدعي الخشوع كما أنه لكونه حقا نازلا من عنده تعالى يستدعي الخشوع.
وفي الآية عتاب للمؤمنين على ما عرض لقلوبهم من القسوة وعدم خشوعها لذكر الله والحق النازل من عنده تعالى وتشبيه لحالهم بحال أهل الكتاب الذين نزل عليهم الكتاب وطال عليهم الأمد فقست قلوبهم.
وقوله: " ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم " عطف على قوله: " تخشع " الخ، والمعنى: ألم يأن لهم أن تخشع قلوبهم وأن لا يكونوا الخ، والأمد الزمان، قال الراغب: الفرق بين الزمان والأمد أن الأمد يقال باعتبار الغاية والزمان عام في المبدأ والغاية ولذلك قال بعضهم: إن المدى والأمد يتقاربان. انتهى.
وقد أشار سبحانه بهذا الكلام إلى صيرورة قلوبهم كقلوب أهل الكتاب القاسية والقلب القاسي حيث يفقد الخشوع والتأثر عن الحق ربما خرج عن زي العبودية فلم يتأثر عن المناهي واقترف الاثم والفسوق، ولذا أردف قوله: " فقست قلوبهم " بقوله: " وكثير منهم فاسقون ".
قوله تعالى: " اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها " إلى آخر الآية في تعقيب عتاب