والمراد بالعرض السعة دون العرض المقابل للطول وهو معنى شائع، والكلام كأنه مسوق للدلالة على انتهائها في السعة.
وقيل: المراد بالعرض ما يقابل الطول والاقتصار على ذكر العرض أبلغ من ذكر الطول معه فإن العرض أقصر الامتدادين وإذا كان كعرض السماء والأرض كان طولها أكثر من طولهما.
ولا يخلو الوجه من تحكم إذ لا دليل على مساواة طول السماء والأرض لعرضهما ثم على زيادة طول الجنة على عرضها حتى يلزم زيادة طول الجنة على طولهما والطول قد يساوي العرض كما في المربع والدائرة وسطح الكرة وغيرها وقد يزيد عليه.
وقوله: " أعدت للذين آمنوا بالله ورسله " قد عرفت في ذيل قوله: " آمنوا بالله ورسله " وقوله: " والذين آمنوا بالله ورسله " أن المراد بالايمان بالله ورسله هو مرتبة عالية من الايمان تلازم ترتب آثاره عليه من الأعمال الصالحة واجتناب الفسوق والاثم.
وبذلك يظهر أن قول بعضهم: إن في الآية بشارة لعامة المؤمنين حيث قال: " أعدت للذين آمنوا بالله ورسله " ولم يقيد الايمان بشئ من العمل الصالح ونحوه غير سديد فإن خطاب الآية وإن كان بظاهر لفظه يعم الكافر والمؤمن الصالح والطالح لكن وجه الكلام إلى المؤمنين يدعوهم إلى الايمان الذي يصاحب العمل الصالح، ولو كان المراد بالايمان بالله ورسله مجرد الايمان ولو لم يصاحبه عمل صالح وكانت الجنة معدة لهم والآية تدعو إلى السباق إلى المغفرة والجنة كان خطاب " سابقوا " متوجها إلى الكفار فإن المؤمنين قد سبقوا وسياق الآيات يأباه.
وقوله: " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " وقد شاء أن يؤتيه الذين آمنوا بالله ورسله، وقد تقدم بيان أن ما يؤتيه الله من الاجر لعباده المؤمنين فضل منه تعالى من غير أن يستحقوه عليه.
وقوله: " والله ذو الفضل العظيم " إشارة إلى عظمة فضله، وأن ما يثيبهم به من المغفرة والجنة من عظيم فضله.
قوله تعالى: " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها " الخ، المصيبة الواقعة التي تصيب الشئ مأخوذة من إصابة السهم الغرض وهي بحسب المفهوم أعم من الخير والشر لكن غلب استعمالها في الشر فالمصيبة هي النائبة،