تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٥٧
تعالى: " وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال " الآية الأعراف: 46، وقيل: السور غير الأعراف.
وقوله: " له باب " أي للسور باب وهذا يشبه حال المنافقين في الدنيا فقد كانوا فيها بين المؤمنين لهم اتصال بهم وارتباط وهم مع ذلك محجوبون عنهم بحجاب. على أنهم يرون أهل الجنة ويزيد بذلك حسرتهم وندامتهم.
وقوله: " باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب " " باطنه " مبتدأ وجملة " فيه الرحمة " مبتدأ وخبر وهي خبر " باطنه " وكذا " ظاهره " مبتدأ وجملة " من قبله العذاب " مبتدأ وخبر هي خبره، وضميرا " فيه ومن قبله " للباطن والظاهر.
ويظهر من كون باطن السورة فيه رحمة وظاهره من قبله العذاب أن السور محيط بالمؤمنين وهم في داخله والمنافقون في الخارج منه.
وفي اشتمال داخله الذي يلي المؤمنين على الرحمة وظاهره الذي يلي المنافقين على العذاب مناسبة لحال الايمان في الدنيا فإنه نعمة لأهل الاخلاص من المؤمنين يبتهجون بها ويلتذون وعذاب لأهل النفاق يتحرجون من التلبس به ويتألمون منه.
قوله تعالى: " ينادونهم ألم نكن معكم " إلى آخر الآية استئناف في معنى جواب السؤال كأنه قيل: فماذا يفعل المنافقون والمنافقات بعد ضرب السور ومشاهدة العذاب من ظاهره؟ فقيل: ينادونهم الخ.
والمعنى: ينادي المنافقون والمنافقات المؤمنين والمؤمنات بقولهم: " ألم نكن معكم " يريدون به كونهم في الدنيا مع المؤمنين والمؤمنات في ظاهر الدين.
وقوله: " قالوا بلى " إلى آخر الآية جواب المؤمنين والمؤمنات لهم والمعنى: " قالوا " أي قال المؤمنون والمؤمنات جوابا لهم " بلى " كنتم في الدنيا معنا " ولكنكم فتنتم " أي محنتم وأهلكتم " أنفسكم وتربصتم " الدوائر بالدين وأهله " وارتبتم " وشككتم في دينكم " وغرتكم الأماني " ومنها أمنيتكم أن الدين سيطفأ نوره ويتركه أهله " حتى جاء أمر الله " وهو الموت " وغركم بالله الغرور " بفتح الغين وهو الشيطان.
والآية - كما ترى - تفيد أن المنافقين والمنافقات يستنصرون المؤمنين والمؤمنات على ما هم فيه من الظلمة متوسلين بأنهم كانوا معهم في الدنيا ثم تفيد أن المؤمنين والمؤمنات يجيبون بأنهم كانوا معهم لكن قلوبهم كانت لا توافق ظاهر حالهم حيث يفتنون أنفسهم
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست