تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٥٢
قوله تعالى: " وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم " الخ، المراد بالايمان الايمان بحيث يترتب عليه آثاره ومنها الانفاق في سبيل الله - وإن شئت فقل:
المراد ترتيب آثار ما عندهم من الايمان عليه -.
وقوله: " والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم " عبر الرب بالرب وأضافه إليهم تلويحا إلى علة توجه الدعوة والامر كأنه قيل: يدعوكم لتؤمنوا بالله لأنه ربكم يجب عليكم أن تؤمنوا به.
وقوله: " وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين " تأكيد للتوبيخ المفهوم من أول الآية، وضمير " أخذ " لله سبحانه أو للرسول وعلى أي حال المراد بالميثاق المأخوذ هو الذي تدل عليه شهادتهم على وحدانية الله ورسالة رسوله يوم آمنوا به صلى الله عليه وآله وسلم من أنهم على السمع والطاعة.
وقيل: المراد بالميثاق هو الميثاق المأخوذ منهم في الذر، وعلى هذا فضمير " أخذ " لله سبحانه، وفيه أنه بعيد عن سياق الاحتجاج عليهم فإنهم غافلون عنه، على أن أخذ الميثاق في الذر لا يختص بالمؤمنين بل يعم المنافقين والكفار.
قوله تعالى: " هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور " الخ، المراد بالآيات البينات آيات القرآن الكريم المبينة لهم ما عليهم من فرائض الدين، وفاعل " ليخرجكم " الضمير العائد إلى الله أو إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ومرجع الثاني أيضا هو الأول فالميثاق ميثاقه وقد أخذه بواسطة رسوله أو بغير واسطته كما أن الايمان به وبرسوله إيمان به ولذلك قال في صدر الآية: " وما لكم لا تؤمنون بالله " فذكر نفسه ولم يذكر رسوله إشارة إلى أن الايمان برسوله إيمان به.
وقوله: " وإن الله بكم لرؤف رحيم " في تذييل الآية برأفته تعالى ورحمته إشارة إلى أن الايمان الذي يدعوهم إليه رسوله خير لهم وأصلح وهم الذين ينتفعون به دون الله ورسوله، ففيه تأكيد ترغيبهم على الايمان والانفاق.
قوله تعالى: " وما لكم أن لا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض " الميراث والتراث المال الذي ينتقل من الميت إلى من بقي بعده من وراثه، وإضافة الميراث إلى السماوات والأرض بيانية فالسماوات والأرض هي الميراث بما فيهما من الأشياء التي خلق منهما مما يمتلكه ذووا الشعور من سكنتهما فالسماوات والأرض شاملة لما فيهما مما خلق منهما
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست