تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٤٧
وقوله: " وإلى الله ترجع الأمور " الأمور جمع محلى باللام يفيد العموم كقوله: " ألا إلى الله تصير الأمور " الشورى: 53، فما من شئ إلا ويرجع إلى الله، ولا راد إليه تعالى إلا هو لاختصاص الملك به فله الامر وله الحكم.
وفي الآية وضع الظاهر موضع الضمير في " إلى الله " وكذا في الآية السابقة " والله بما تعملون بصير " ولعل الوجه في ذلك أن تقرع الجملتان قلوبهم كما يقرع المثل السائر لما سيجئ من ذكر يوم القيامة وجزيل أجر المنفقين في سبيل الله فيه.
قوله تعالى: " يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور " إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل اختلاف الليل والنهار في الطول والقصر باختلاف فصول السنة في كل من البقاع الشمالية والجنوبية بعكس الأخرى، وقد تقدم في كلامه تعالى غير مرة.
والمراد بذات الصدور الأفكار المضمرة والنيات المكنونة التي تصاحب الصدور وتلازمها لما أنها تنسب إلى القلوب والقلوب في الصدور، والجملة أعني قوله: " وهو عليم بذات الصدور " بيان لإحاطة علمه بما في الصدور بعد بيان إحاطة بصره بظواهر أعمالهم بقوله: " والله بما تعملون بصير ".
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن عرباض بن سارية أن رسول لله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد، وقال: إن فيهن آية أفضل من ألف آية.
أقول: ورواه أيضا عن ابن الضريس عن يحيى بن أبي كثير عنه صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي الكافي بإسناده عن عاصم بن حميد قال: سئل علي بن الحسين عليه السلام عن التوحيد فقال: إن الله عز وجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله تعالى:
" قل هو الله أحد " والآيات من سورة الحديد إلى قوله: " عليم بذات الصدور " فمن رام وراء ذلك فقد هلك.
وفي تفسير القمي: " سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم " قال: هو
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست