منتهى المطلب (ط.ق) - العلامة الحلي - ج ١ - الصفحة ٦٠
وصل الرجل بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال: (وأرجلكم إلى الكعبين) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضها ثم فسر ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) للناس فضيعوه ثم قال: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) فلما وضع الوضوء عمن لم يجد الماء لثبت بعض الغسل مسحا لأنه قال بوجوهكم ثم وصل بها وأيديكم ثم قال منه أي من ذلك التيمم لأنه علم أن ذلك أجمع لا يجري على الوجه لأنه تعلق من ذلك ببعض الكف ولا تعلق ببعضها ثم قال: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) والحرج: الضيق وما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مسح الرأس على مقدمه وما رواه عن معمر بن عمير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يجزي من مسح الرأس ثلاث أصابع وكذلك الرجل وروى ابن يعقوب في الحسن عن زرارة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) المرأة يجزيها من مسح الرأس أن تمسح قدر ثلاث أصابع ولا يلقي عنها خمارها وما رواه عن الحسين قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل توضى وهو معتم فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد؟ فقال: يدخل إصبعه وأيضا الأصل براءة الذمة ومن مسح بعض رأسه يصدق أنه قد مسح برأسه كما يقال مسحت برأس اليتيم وأيضا فهو مسح يسقط في التيمم فوجب أن لا يستحق الاستيعاب كالمسح على الخفين عندهم وأيضا لا يجب الاستيعاب في المسح كما لا يجب استيعاب الحلق في التخلل والجامع ما هو مشترك فيه من كون كل منهما حكما مختصا بالرأس على وجه العبادة احتجوا بما رووا عنه (عليه السلام) من أنه توضى فمسح رأسه كله ولأنه لما كان كل جزء من الرأس محصلا للعرض علم تعلقه بالجميع قياسا على سائر الأعضاء والجواب عن الأول: بالمنع من صحته فإن أهل البيت (عليهم السلام أجمعوا على رده ورده الشافعي وأبو حنيفة فلو كان صحيحا لما ردوه وأيضا يحمل على غير الوجوب جمعا بينه وبين ما نقلوه عنه (عليه السلام) من ترك مسح البعض ولا يمكن أن يقال إنه ترك بعض الواجب وعن الثاني: بالمنع من ثبوت العلة في الفرع فإن عندنا المسح مختص بالمقدم على ما يأتي ومع هذا فإنه ينتقض بالمسح على الخفين فإن كل جزء من الخف محل الفرض ثم لا يتعلق الفرض بالجميع وكذا يحصل الكفارة المخيرة وأصل الامر بالمهية الكلية لا يقتضي الامر بشئ من جريانها على اليقين لان الماهية صادقة على تلك الجزئيات وليس كل واحد منها صادقا على الآخر فما به الاشتراك غير ما ليس بالاشتراك فالامر بالماهية الكلية التي بها الاشتراك لا يكون أمرا بما به يمتاز كل واحد من الجهات لا بالذات ولا بالاستلزام نعم يكون أمرا بواحد منها لا بعينه لاستحالة تحصيل الكلي إلا في أحد جزئياته. فروع [الأول] الحق عندي أن الواجب من مسح الرأس لا يتقدر بقدر في الرجل وفي المرأة بل يكفي فيه أقل ما يصدق عليه الاسم وبه قال الشيخ في المبسوط نعم الأفضل ما يكون مقدار ثلاث أصابع مضمومة وبه قال السيد المرتضى في المصباح وقال في الخلاف يجب مقدار ثلاث أصابع وهو اختيار ابن بابويه وأبي حنيفة في إحدى الروايتين عنه وفي الرواية الأخرى يجزي مسح أربعة لا غير وقال الشافعي يجزي ما وقع عليه الاسم وأقله ثلاث شعرات وحكي عنه أنه لو مسح شعرة واحدة أجزأه وذهب بعض الحنابلة إلى أن قدر الواجب هو الناصية وهو رواية عن أبي حنيفة وحكي عن أحمد أنه لا يجزي إلا مسح أكثره. لنا: قوله تعالى: (وامسحوا برؤسكم) والمراد البعض الكلي الصادق على الكثير والقليل والامر الكلي لا يكون أمرا بشئ من جزئياته على التعيين فأيها أوقع أجزأ ولا حد له شرعا فيفتقر بالاجزاء على أقل ما يتناوله الاسم وما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة وبكير بن أعين أنهما سألا أبا جعفر (عليه السلام) عن وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أن انتهى قوله تعالى:
(فامسحوا برؤسكم وأرجلكم) قال (عليه السلام): فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى آخر أطراف الأصابع فقد أجزأه وروى الشيخ عن حماد بن عيسى بإسناد صحيح عن بعض أصحابه عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يتوضأ وعليه العمامة قدر ما (قال رفع العمامة و) يدخل أصبعه فيمسح على مقدم رأسه وهذا الحديث وإن كان مرسلا إلا أن الأصل يعضده علي بن يعقوب رواه في كتابه عن حماد عن الحسين عن أبي عبد الله (عليه السلام) ورواه السيد المرتضى في الخلاف عن حماد أبي عبد الله (عليه السلام) والحاصل أن حماد أرسله تارة وأسنده أخرى فيكون حكمه حكم الروايتين فيعمل بالسند لا يقال أنهما رواه في واقعة واحدة فيقع التعارض لأنا نقول ليس في واقعة قولان الرواية الأولى عن أحدهما (عليهما السلام) فتحمل على أنه أبو جعفر الباقر (عليه السلام) على أنهما لو كانا واحدا لجاز سماعه من ثقة تارة ومنه (عليه السلام) أخرى فإن اتحاد المروي عنه لا يحصل اتحاد الواقعة على أن السيد المرتضى روى عن حماد أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فكيف يقع الاتحاد لا يقال يعارض هذه الأدلة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال المرأة يجزي بها من مسح الرأس أن تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع ولا يلقى عنها خمارها والاجزاء إنما يفهم في أقل الواجب لأنا نقول لا نسلم أنه إنما يفهم في أقل الواجب نعم لا شك على أنه إلا تحمل عود الاجزاء إلى عدم إلقاء الخمار وهو الأولى لما رواه الشيخ عن عبد الله بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تمسح المرأة بالرأس كما يمسح الرجل إن المرأة إذا أصبحت مسحت رأسها وتضع الخمار عنها فإذا كان الظهر والعصر والمغرب والعشاء تمسح بناصيتها احتج أبو حنيفة بأن المسح أمر مقصود والامر به أمر باستعمال الآلة التي هي اليد فكأنها مذكورة دلالة والاقتضاء لا عموم له فثبت بقدر ما يدفع به الضرورة وهو الأدنى وثلاث أصابع إليه أدنى الآلة لأنه يقوم مقام كلية اليد لأنه أكثر اليد إلا أنه دون كله فيصير مأمورا باستعمال هذا القدر ضرورة والجواب لا نسلم أن الآلة هي اليد بل بعضها سلمنا لكن لا نسلم أن أدنى اليد ثلاث أصابع وكيف يصح فيه ذلك ومن مذهبه أنه لو مسح بإصبع واحدة ثلاث مرات باستيناف ما هو مقدار ثلاث أصابع
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الخطبة 2
2 في بيان المقدمات 2
3 في المياه وما يتعلق بها 4
4 في الوضوء وموجباته واحكامه 31
5 في أفعال الوضوء وكيفيته 54
6 في احكام الوضوء وتوابعه و لواحقه 74
7 في موجبات الغسل وأنواعه 78
8 في كيفية الغسل و احكامه 83
9 في احكام الحيض وكيفياته 95
10 في بيان احكام المستحاضة 119
11 في بيان احكام النفاس 122
12 في بيان غسل مس الأموات 127
13 في الأغسال المندوبة 128
14 في احكام النجاسات 159
15 في احكام الأواني 185
16 في الجلود 191
17 كتاب الصلاة 193
18 في اعداد الصلاة 194
19 في المواقيت 198
20 في احكام المواقيت 209
21 في القبلة 217
22 في لباس المصلي 225
23 في ستر العورة 235
24 في مكان المصلي 241
25 في ما يجوز السجود عليه 250
26 في الأذان والإقامة 253
27 في القيام 264
28 في النية 266
29 في التكبير 267
30 في القراءة 270
31 في الركوع 281
32 في السجود 286
33 في التشهد 292
34 في التسليم 295
35 في القنوت 298
36 في التعقيبات 301
37 في قواطع الصلاة 306
38 في صلاة الجمعة 316
39 في صلاة العيدين 339
40 في صلاة الكسوف 349
41 في صلاة الاستسقاء 354
42 في نافلة رمضان 357
43 في الصلوات المندوبة 359
44 في صلاة الجماعة 363
45 فيما يتعلق بالمساجد 386
46 في صلاة المسافر 389
47 في صلاة الخوف والتطريق 401
48 في عدم سقوط الصلاة على كل حال 406
49 في الخلل 408
50 في القضاء 420
51 في احكام الجنائز 425
52 في تغسيل الميت 427
53 في التكفين 437
54 في صلاة الجنائز 443
55 في الدفن 459
56 فيما ورد بعد الدفن 465
57 في فضل الزكاة ومن تجب عليه 470
58 فيمن تجب الزكاة عليه 471
59 فيما يجب فيه الزكاة 473
60 فيما يستحب فيه الزكاة 506
61 في وقت الوجوب 510
62 في المتولي للاخراج 514
63 في مستحق الزكاة 517
64 في احكام الزكاة 526
65 في زكاة الفطرة 531
66 في الصدقات المستحبة المستحبة 542
67 فيما يجب فيه الخمس 544
68 في النصاب 549
69 في بيان سهام الخمس 550
70 في الأنفال 553