منتهى المطلب (ط.ق) - العلامة الحلي - ج ١ - الصفحة ١١١
أمر المخالف للامر بالحذر فلا بد من السبب الموجب للحذر ولا سبب إلا وصف المخالفة فيكون علة للمناسبة والاقتران وأيضا تارك المأمور عاص لقوله ألا أعصى لك أمر ألا يعصون الله ما أمرهم أفعصيت أمري والعاصي يستحق العقاب لقوله: (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها) وأنه (ع) ذم أبا سعيد الخدري حيث لم يجبه وتمسك بقوله: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) ولأنه عليه السلام قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة لولا موضوعة للانتفاء عند الوجود لا شك في تحقيق الندبية فيكون غير مأمور به ولان الصحابة تمسكوا بالأمر على الوجوب ولم يظهر إنكار فكان إجماعا فكان إجماعا وذلك كما في قوله (ع) سنوا بهم سنة أهل الكتاب وقوله (ع) فليغسله سبعا وقوله (ع) فليقضها إذا ذكرها ولان العقلاء يذمون العبد إذا لم يفعل ما أمره السيد ويعللون حسن الظن بالترك ولان الامر دال على إفضاء الفعل ووجوده فكان مانعا من النقيض كالخبر يجامع مع أن اللفظ وضع لإفادة معنى فلا بد وأن يكون مانعا من نقيضه تكميلا للمقصود ويقويه بحصوله ولان المطلوب لا بد وأن يكون قد اشتمل على مصلحة ويكون خاليا عن المفسدة عند المعتزلة وراجحا في المصلحة عند غيرهم و على كلا التقديرين فالأصل الاذن في تفويت المصلحة الخالصة أو الراجحة لاستلزامه الاذن في تفويت الخالصة وهو قبيح ولان شرعية المنع من الترك أرجح في الظن من شرعية الاذن فيه لأنه أكثر افضاء إلى وجود الراجح الذي هو المطلوب في الأول ولا شك أن الذي يكون اقصر أفضى إلى الشئ الراجح راجح في الظن على ما يكون أكثر إفضاء إلى المرجوح ولان الوجوب معنى يشتد الحاجة إليه فوجب أن يوضع له لفظ يدل عليه كسائر المعاني لاستلزام القدرة والداعي الفعل ولا الفضاء إلا صيغة افعل ولان الحمل على الوجوب يقتضي القطع بعدم الاقدام على المخالفة ومع الندب يحصل الشك فالأول أولى وقولهم العلم بإفادته الموجب ليس بعقلي قطعا ولا نقلي لفقدان التواتر وعدم إفادة الآحاد وإن أهل اللغة قالوا لا فرق بين الامر والسؤال إلا الرتبة فلو كان للوجوب لم يكن الحصر صادقا ولأنه قد ورد للندب فلا يمكن جعله حقيقة فيهما وإلا لزم الاشتراك ولا في أحدهما وإلا لزم المجاز فكان للقدر المشترك ليس كشئ أما الأول فيجوز تحصيله من المركب كما يقول تارك الأمور عارض بالنقل والعاصي يستحق العقاب به فيحصل القطع بالعقل بأنه للوجوب ولأنه يجوز أن يثبت بالآحاد فإنها ليست مسألة عملية بل عقلية وأما الثاني فإن السؤال يدل على الايجاب إذ السائل يطلب طلبا لا يسوغ فيه العمل بالنقيض أقصى ما في الباب أنه لا يلزم من إيجابه الوجوب وأما الثالث إنما المجاز يصار إليه لما ذكرنا من الأدلة. مسألة: يحرم على الرجل وطئ الحائض قبلا وهو مذهب عامة علماء الاسلام قال الله تعالى: (فاعتزلوا النساء في المحيض) وهذا أمر يدل على الوجوب ثم قال: (ولا تقربوهن حتى يطهرن) وهذا نهي وهو يدل على التحريم وأما غير القبل فما فوق السرة ودون الركبة يجوز الاستمتاع به بالنص والاجماع واختلف في الاستمتاع بينهما فقال أكثر علمائنا بالكراهية دون التحريم فقال أحمد هو مباح وهو قول عكرمة وعطا والشعبي والثوري وإسحاق والأوزاعي وأبو ثور وداود ومحمد بن الحسن والنخعي وأبو إسحاق المروزي وابن المنذر وقال السيد المرتضى بالتحريم وهو اختيار أبي حنيفة والشافعي وأبي يوسف. لنا: قوله تعالى: (واعتزلوا النساء في المحيض) وهو اسم كالمعتل والميتة في التخصيص بالموضع والمعنى يدل على إباحة ما سواه أو نقول الأصل الإباحة والتحريم إنما يتناول القبل فيبقى الباقي على الأصل لا يقال المحيض هو الحيض يقال حاضت المرأة حيضا ومحيضا ويدل عليه أول الآية وهو قوله: (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى) والأذى هو المحيض لا موضعه وقال تعالى: (واللائي يئسن من المحيض) وإنما يريد به الدم لأنا نقول استعمال المحيض في الحيض لا ينافي في مطلوبنا إذ الحيض ها هنا غير مراد لوجوه، أحدها أن ما ذكرناه قياس اللفظ فيحمل عليه. الثاني لو نزل على الحيض لوجب الاضمار أو يستحيل حمل اللفظ على حقيقته سلمنا إضمار الموضوع أولى من إضمار الأزمنة لأنه يلزم من الثاني الامر باعتزال النساء في مدة الحيض بالكلية وقد انعقد الاجماع على خلافه. الثالث إنما ذكرناه أولى لان نزول هذه الآية ان الله تعالى قصد مخالفة اليهود حيث كانوا يعزلون النساء فلا يؤاكلوهن ولا يشاربوهن مدة الحيض ولا يجامعوهن في البيت فسئل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فنزلت هذه الآية فقال صلى الله عليه وآله ضعوا كل شئ غير النكاح وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إجتنب منها شعار الدم و وروى مسلم عنه صلى الله عليه وآله قال ضعوا كل شئ غير النكاح ومن طريق الخاصة ما رواه عن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم ورواه عن عبد الملك بن عمرو قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عما لصاحب المرأة الحائض منها قال كل شئ ما عدا القبل بعينه وما رواه عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يأتي المرأة فيه دون الفرج وهي حائض قال لا بأس إذا اجتنب ذلك الموضع ولان المنع من الوطي لأجل الأذى فاختص بمحله كالدبر عندهم احتج السيد المرتضى بما رواه الشيخ عن عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في الحائض ما يحل لزوجها منها قال تزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرتها ثم له ما فوق الإزار وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام عن الحائض والنفساء ما يحل لزوجها منها قال تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج ساقها وله ما فوق الإزار وعن حجاج الخشاب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحائض والنفساء ما يحل لزوجها منها قال تلبس درعا
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الخطبة 2
2 في بيان المقدمات 2
3 في المياه وما يتعلق بها 4
4 في الوضوء وموجباته واحكامه 31
5 في أفعال الوضوء وكيفيته 54
6 في احكام الوضوء وتوابعه و لواحقه 74
7 في موجبات الغسل وأنواعه 78
8 في كيفية الغسل و احكامه 83
9 في احكام الحيض وكيفياته 95
10 في بيان احكام المستحاضة 119
11 في بيان احكام النفاس 122
12 في بيان غسل مس الأموات 127
13 في الأغسال المندوبة 128
14 في احكام النجاسات 159
15 في احكام الأواني 185
16 في الجلود 191
17 كتاب الصلاة 193
18 في اعداد الصلاة 194
19 في المواقيت 198
20 في احكام المواقيت 209
21 في القبلة 217
22 في لباس المصلي 225
23 في ستر العورة 235
24 في مكان المصلي 241
25 في ما يجوز السجود عليه 250
26 في الأذان والإقامة 253
27 في القيام 264
28 في النية 266
29 في التكبير 267
30 في القراءة 270
31 في الركوع 281
32 في السجود 286
33 في التشهد 292
34 في التسليم 295
35 في القنوت 298
36 في التعقيبات 301
37 في قواطع الصلاة 306
38 في صلاة الجمعة 316
39 في صلاة العيدين 339
40 في صلاة الكسوف 349
41 في صلاة الاستسقاء 354
42 في نافلة رمضان 357
43 في الصلوات المندوبة 359
44 في صلاة الجماعة 363
45 فيما يتعلق بالمساجد 386
46 في صلاة المسافر 389
47 في صلاة الخوف والتطريق 401
48 في عدم سقوط الصلاة على كل حال 406
49 في الخلل 408
50 في القضاء 420
51 في احكام الجنائز 425
52 في تغسيل الميت 427
53 في التكفين 437
54 في صلاة الجنائز 443
55 في الدفن 459
56 فيما ورد بعد الدفن 465
57 في فضل الزكاة ومن تجب عليه 470
58 فيمن تجب الزكاة عليه 471
59 فيما يجب فيه الزكاة 473
60 فيما يستحب فيه الزكاة 506
61 في وقت الوجوب 510
62 في المتولي للاخراج 514
63 في مستحق الزكاة 517
64 في احكام الزكاة 526
65 في زكاة الفطرة 531
66 في الصدقات المستحبة المستحبة 542
67 فيما يجب فيه الخمس 544
68 في النصاب 549
69 في بيان سهام الخمس 550
70 في الأنفال 553