حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٣ - الصفحة ٤٣٤
فلكل منهم أن يؤاجر وأن يهب وأن يعير، كما له أن ينتفع بنفسه. قوله: (كساكن بيوت المدارس) أي بوصف كونه مجاورا أو مرابطا والحال أن المساكن موقوفة على المجاورين في تلك المدرسة أو على المرابطين في ذلك الرباط فاستحقاقه الانتفاع بذلك الوصف، فإذا استحقه بذلك الوصف فلا يجوز له بيع ولا كراء ولا هبة ولا عارية ولا الخزن فيه. نعم يجوز له أن يسقط حقه منه لغيره فيستحق ذلك الغير الانتفاع به حيث كان من أهله، كما وقع للبرزلي في سكنى خلوة الناصرية، فإنه قد أسقط له حقه فيها من كان يملك الانتفاع بها عند قدومه لسفر الحج، ويجوز اسقاط الحق في الانتفاع ببيوت المدارس والوظائف مجانا وفي مقابلة دراهم على المعتمد، كما في بن عن البرزلي، وإذا أسقط مالك الانتفاع حقه منه سقط حقه على الوجه الذي أسقطه فإن أسقطه مدة مخصوصة رجع إليه بعد انقضائها كالعرية، وإن أطلق في الاسقاط فلا يعود له كما أفاده البرزلي وقوله كساكن بيوت الخ أي وكالمستعير الذي منع من أن يعير لان المعير إنما قصد انتفاع ذلك الشخص المخصوص الموصوف بكونه مستعيرا أي وكمن استعار كتابا وقفا فليس له أن يعيره لأنه مالك للانتفاع فقط إلا أن يسقط ذلك المستعير حقه في العارية ويكون الثاني من أهلها كما مر. قوله: (والجالس في المسجد والأسواق) أي فإنه إنما يستحق الانتفاع بذلك المكان الذي اشتهر بالجلوس فيه من المسجد أو السوق فليس له بيعه ولا إجارته ولا إعارته، نعم له أن يسقط حقه فيه غيره على ما مر. قوله: (من أهل التبرع عليه) أي بذلك الشئ المستعار.
قوله: (من بمعنى اللام) اعترضه بن بأنه لا داعي لذلك لأنه سمع تعدية أعار لمفعوله الثاني بمن تارة وباللام أخرى كباع ووهب يقال أعاره منه وله. قوله: (وهذا إشارة إلى الركن الثاني) أي فلما ذكر شروط المعير وهو كونه مالكا للمنفعة وأن يكون غير محجور عليه شرع يذكر شروط المستعير فذكر أنه لا بد أن يكون من أهل التبرع عليه بذلك الشئ المستعار. قوله: (ممن يصح أن يتبرع عليه) أي بذلك الشئ المستعار. قوله: (إذ لا يصح التبرع عليه) أي وإن كان من أهل التبرع عليه في الجملة أي بغير ذلك. قوله: (فاللام للعلة) أي ومعلولها الإعارة لا الندب أي أن مالك المنفعة يعير الذات لأجل استيفاء المنفعة منها وهو ظاهر، على أنه لا مانع من جعل معلولها الندب أي إنما ندبت إعارة الذات لأجل الانتفاع بها. قوله: (والقول بأنها تشبه لام العاقبة) أي كما قال عبق وشبهها بلام العاقبة باعتبار الأيلولة أي ندب لمالك المنفعة أن يعير عينا يؤول أمرها إلى استيفاء المنفعة منها أي عاقبة إعارة العين ومآل أمرها استيفاء المنفعة. قال عبق وإنما لم تكن لام العاقبة لأنها التي يكون ما بعدها نقيضا لمقتضى ما قبلها كالعداوة والحزن المنافيين لمقتضى الالتقاط من المحبة والسرور وهنا ليست نقيضا له لأنها تجامعه فهي تشبهها من حيث الأيلولة كما مر ا ه‍. ورد عليه بأن الحق أن لام العاقبة لا يشترط فيها ذلك بدليل: * (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون) *. قوله: (لان العلة) أي في الندب ثواب الآخرة.
قوله: (مما لا يلتفت إليه) أي لصحة جعلها للعاقبة كما علمت ويصح جعلها للعلة ولا نسلم أن علة الندب الثواب بل الثواب مرتب على الانتفاع الذي هو العلة، ولذا صرح البساطي بأن الثواب عاقبة لا علة.
قوله: (ومفعوله الأول من أهل التبرع) أي وعينا مفعوله الثاني واعترضه بن بأن الصواب العكس لان قوله من أهل التبرع مفعول مقيد بالجار فهو المفعول الثاني وعينا مجرد عن الجار فهو المفعول الأول كما في قوله تعالى: * (واختار موسى قومه سبعين رجلا) *. قوله: (يصح أن يعير) أي مالك المنفعة. قوله: (لمنفعة) أي لأجل استيفاء منفعتها. قوله: (مباحة) بالنصب صفة لعينا.
قوله: (استعمالا) من جهة الاستعمال، كانت مباحة من جهة البيع أيضا أم لا. قوله: (وجلد أضحية أو جلد ميتة دبغ الخ) أي فهذه الأعيان كلها مباحة الاستعمال وإن لم يجز بيعها وحينئذ
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»
الفهرست