مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٧٤
قال: لما نزل ابن الحضرمي ببني تميم أرسل إلى الرؤوس فأتوه، فقال لهم: أجيبوني إلى الحق وانصروني على هذا الأمر، وإن الأمير بالبصرة يومئذ زياد بن عبيد قد استخلفه عبد الله بن عباس وقدم على علي ع إلى الكوفة يعزيه عن محمد بن أبي بكر قال: فقام إليه صحار فقال: إي والذي له أسعى، وإياه أخشى لننصرنك بأسيافنا وأيدينا.
وقام المثنى بن مخربة (1) العبدي فقال: لا، والذي لا إله إلا هو لئن لم ترجع إلى مكانك الذي أقبلت منه لنأخذنك بأسيافنا وأيدينا ونبالنا وأسنة رماحنا، أنحن ندع ابن عم نبينا وسيد المسلمين وندخل في طاعة حزب من الأحزاب طاع! والله لا يكون ذلك أبدا حتى نسير كتيبة إلى كتيبة ونفلق الهام بالسيوف.
قال: فاقبل ابن الحضرمي على صبرة بن شيمان الأزدي (2) فقال: يا صبرة أنت رأس قومك وعظيم من عظماء العرب وأحد الطلبة بدم عثمان، رأينا رأيك، ورأيك رأينا، وبلاء القوم عندك في نفسك وعشيرتك ما قد ذقت ورأيت، فانصرني وكن من دوني، فقال له: إن أنت أتيت فنزلت في داري نصرتك ومنعتك، فقال: إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن أنزل في قومه من مضر، فقال: اتبع ما أمرك به. وانصرف من عنده.
وأقبل الناس إلى ابن الحضرمي فكثر تبعه ففزع لذلك زياد وهاله وهو في دار الامارة فبعث إلى الحضين بن المنذر (3) ومالك بن مسمع (4) فدعاهما فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنكم أنصار أمير المؤمنين وشيعته وثقته وقد جاءكم هذا الرجل بما قد بلغكم فأجيروني حتى يأتيني أمر أمير المؤمنين ورأيه، فاما مالك بن مسمع فقال: هذا أمر لي فيه نظر، فارجع إلى من ورائي وأنظر وأستشير في ذلك وألقاك، وأما الحضين بن المنذر فقال: نعم، نحن فاعلون ولن نخذلك ولن نسلمك، فلم ير زياد من القوم ما يطمئن إليه.
فبعث إلى صبرة بن شيمان الأزدي فقال: يا ابن شيمان أنت سيد قومك وأحد عظماء هذا المصر فان يكن فيه أحد هو أعظم أهله فأنت، أفلا تجيرني وتمنعني؟ وتمنع بيت مال المسلمين؟ فإنما أنا أمين عليه، فقال: بلى، إن أنت تحملت حتى تنزل في داري منعتك، فقال له: إني فاعل فحمله ثم ارتحل ليلا حتى نزل دار صبرة بن شيمان وكتب إلى عبد الله بن عباس، ولم يكن معاوية ادعى زيادا بعد لأنه إنما ادعاه بعد وفاة علي ع.
بسم الله الرحمن الرحيم للأمير عبد الله بن عباس من زياد بن عبيد سلام عليك، أما بعد، فان عبد الله بن عامر الحضرمي أقبل من قبل معاوية حتى نزل في بني تميم، ونعى ابن عفان، ودعا إلى الحرب فبايعه جل أهل البصرة فلما رأيت ذلك استجرت بالأزد بصبرة بن شيمان وقومه لنفسي ولبيت مال المسلمين، فرحلت من قصر الامارة فنزلت فيهم وأن الأزد معي، وشيعة أمير المؤمنين من سائر القبائل تختلف إلى، وشيعة عثمان تختلف إلى ابن الحضرمي، والقصر خال منا ومنهم، فارفع ذلك إلى أمير المؤمنين ليرى فيه رأيه ويعجل علي بالذي يرى أن يكون فيه منه، والسلام. قال: فرفع ذلك ابن عباس إلى علي ع فشاع في الناس بالكوفة ما كان من ذلك، وكانت بنو تميم وقيس ومن يرى رأي عثمان قد أمروا ابن الحضرمي أن يسير إلى قصر الامارة حين خلاه زياد، فلما تهيا لذلك ودعا له أصحابه ركبت الأزد وبعثت إليه وإليهم: إنا والله لا ندعكم تأتون القصر، فتنزلون به من لا نرضى ومن نحن له كارهون حتى يأتي رجل لنا ولكم رضى، فأبى أصحاب ابن الحضرمي إلا أن يسيروا إلى القصر وأبث الأزد إلا أن يمنعوهم، فركب الأحنف فقال لأصحاب ابن الحضرمي: إنكم والله ما أنتم بأحق بقصر الامارة من القوم، وما لكم أن تؤمروا عليهم من يكرهونه، فانصرفوا عنهم، ثم جاء إلى الأزد فقال: إنه لم يكن ما تكرهون ولن يؤتى إلا ما تحبون فانصرفوا رحمكم الله، ففعلوا.
وعن الكلبي أن ابن الحضرمي لما أتى البصرة ودخلها نزل في بني تميم في دار سنبل (5) ودعا بني تميم وأخلاط مضر، فقال زياد لأبي الأسود الدئلي:
أما ترى ما صنع أهل البصرة إلى معاوية وما في الأزد لي مطمع، فقال: إن كنت تركتهم لم ينصروك وإن أصبحت فيهم منعوك، فخرج زياد من ليلته وأتى الأزد ونزل على صبرة بن شيمان فأجاره فبات ليلته فلما أصبح قال له صبرة: يا زياد ليس حسنا بنا أن تقوم فينا مختفيا أكثر من يومك هذا، فاتخذ له منبرا وسريرا في مسجد الحدان (6) وجعل له شرطا وصلى بهم الجمعة في مسجد الحدان.
وغلب ابن الحضرمي على ما يليه من البصرة وجباها، واجتمعت الأزد على زياد فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر الأزد أنتم كنتم أعدائي فأصبحتم أوليائي وأولى الناس بي، وإني لو كنت في بني تميم وابن الحضرمي فيكم نازلا لم أطمع فيه أبدا وأنتم دونه، فلا يطمع ابن الحضرمي في وأنتم دوني، وليس ابن اكلة الأكباد في بقية الأحزاب وأولياء الشيطان بأدنى إلى الغلبة من أمير المؤمنين علي في المهاجرين والأنصار، وقد أصبحت فيكم مضمونا، وأمانة مؤداة، وقد رأينا وقعتكم يوم الجمل فاصبروا مع الحق كصبركم مع الباطل فإنكم لا تحمدون إلا على النجدة، ولا تعذرون على الجبن.
فقام شيمان أبو صبرة ولم يكن شهد يوم الجمل، وكان غائبا، فقال: يا معشر الأزد ما أبقت عواقب الجمل عليكم إلا سوء الذكر، وقد كنتم أمس على علي ع فكونوا اليوم له واعلموا أن إسلامكم جاركم ذل

(١) المثنى بن مخربة - العبدي من التوابين الذين خرجوا مع سليمان بن صرد في ثلاثمائة من أهل البصرة ثم رجع بعد ذلك ودعا لبيعة المختار بن أبي عبيد في البصرة وخرج معه (انظر تاريخ الطبري ٦ / ٦٦ حوادث سنة ٦٦).
(٢) صبرة - بفتح الصاد المهملة وكسر الياء - ابن شيمان الأزدي: كان رأس الأزد يوم الجمل مع عائشة (الإصابة حرف الشين ق ٣ بترجمة شيمان بن عكيف).
(٣) حضين - بصاد معجمة مصغرا - ابن المنذر الرقاشي - بتخفيف القاف - أبو محمد، وأبو ساسان حامل راية أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم صفين، دفعها إليه وهو ابن تسع عشرة سنة مات على رأس المائة (انظر تقريب التهذيب وكتاب صفين لنصر بن مزاحم ص ٣٢٥ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد م ١ / ٤٩٥).
(٤) مالك بن مسمع كان رأيه مائلا إلى بني أمية، وكان مروان لجأ إليه يوم الجمل، وكان يأمر الناس بعد واقعة الطف بتجديد البيعة ليزيد بن معاوية (انظر تاريخ الطبري ٥ / 110 حوادث سنة 38).
(5) في الأصلين " سنبيل " تصحيف قال في تاج العروس في ابن سنبل - بالكسر - ويقال بالصاد أيضا أحرق جارية بن قدامة وهو من أصحاب علي رضي الله تعالى عنه وخمسين رجلا من أهل البصرة في داره ".
(6) الحدان - بالضم - إحدى محال البصرة القديمة نسبة إلى حدان حي من العرب.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370