مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٧٢
عثمان، واحذر ربيعة وأنزل في مضر وتودد الأزد، فان الأزد كلهم جميعا معك إلا قليلا منهم فإنهم غير مخالفيك، واحذر من تقدم عليه.
فقال له عبد الله بن عامر: أنا سهمك في كنانتك: وأنا من قد جربت وعدو أهل حربك وظهيرك على قتلة عثمان فوجهني إليهم متى شئت، فقال له: اخرج غدا إن شاء الله، فودعه وأخذ بيده وخرج من عنده.
فلما كان الليل جلس معاوية وأصحابه يتحدثون، فقال لهم معاوية: في أي منزل ينزل القمر الليلة؟ فقالوا: بسعد الذابح فكره معاوية ذلك وأرسل إليه أن: لا تبرح حتى يأتيك رسولي، فأقام.
ورأى معاوية أن يكتب إلى عمرو بن العاص، وكان عامله يومئذ على مصر يستطلع رأيه في ذلك فكتب إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص وقد كان يسمى بأمير المؤمنين بعد صفين وبعد تحكيم الحكمين:
سلام عليك.
أما بعد، فاني قد رأيت رأيا هممت بامضائه ولم يخذلني عنه إلا استطلاع رأيك، فان توافقني أحمد الله وأمضيه، وإن تخالفني فأستجير بالله وأستهديه، إني نظرت في أمر أهل البصرة فوجدت عظم أهلها لنا وليا ولعلي وشيعته عدوا، وقد أوقع بهم علي الوقعة التي علمت، فأحقاد تلك الدماء ثابتة في صدورهم لا تبرح ولا تريم، وقد علمت أن قتلنا ابن أبي بكر ووقعتنا باهل مصر قد أطفأت نيران أصحاب علي في الآفاق، ورفعت رؤوس أشياعنا أينما كانوا من البلاد.
وقد بلغ من كان بالبصرة على مثل رأينا من ذلك ما بلغ الناس، و أحد ممن يرى رأينا أكثر عددا ولا أضر خلافا ليس على علي من أولئك، فقد رأيت أن إليهم عبد الله بن عامر الحضرمي فينزل في أبعث مضر، ويتودد الأزد، ويحذر ربيعة، ونعى دم عثمان بن عفان ويذكرهم وقعة علي بهم التي أهلكت صالحي إخوانهم وآبائهم أبنائهم، فقد رجوت عند ذلك أن يفسدوا على علي وشيعته ذلك الفرج (1) من الأرض، ومتى يؤتوا من خلفهم وأمامهم يضل سعيهم ويبطل كيدهم، فهذا رأيي فما رأيك؟. فلا تحبس رسولي إلا قدر مضي الساعة التي ينتظر فيها جواب كتابي هذا، أرشدنا الله وإياك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فكتب عمرو بن العاص إلى معاوية، أما بعد فقد بلغني كتابك، فقرأته وفهمت: رأيك الذي رأيته فعجبت له، والذي ألقاه في روعك وجعله في نفسك هو قلت: إن الثائر لابن عفان والطالب بدمه، وإنه لم يك منك ولا منا منذ نهضنا في هذه الحروب ونادينا أهلها ولا رأى الناس رأيا أضر على عدوك ولا أسر لوليك من هذا الأمر الذي ألهمته، فامض رأيك مسددا فقد وجهت الصليب الأديب الأريب الناصح غير الظنين والسلام.
فلما جاءه كتاب عمرو، دعا ابن الحضرمي وقد كان ظن حين تركه معاوية أياما لا يأمره بالشخوص أن معاوية قد رجع عن إشخاصه إلى ذلك الوجه فقال لمعاوية: يا ابن الحضرمي سر على بركة الله إلى هل البصرة فانزل في مضر، واحذر ربيعة وتودد الأزد، وانع عثمان بن عفان، وذكرهم الوقعة التي أهلكتهم، ومن (2) لمن سمع وأطاع دنيا لا تفنى وأثرة (3) لا يفقدها حتى يفقدنا أو نفقده، فودعه! ثم خرج من عنده وقد دفع إليه كتابا وأمره إذا قدم أن يقرأه على الناس.
قال عمرو بن محصن: وكنت معه حين خرج.
قال: فلما خرجنا فسرنا ما شاء الله أن نسير، سنح لنا ظبي أعضب (4) عن شمائلنا قال: فنظرت إليه فوالله لرأيت الكراهية في وجهه. ثم مضينا حتى نزلنا البصرة في بني تميم فسمع بقدومنا أهل البصرة فجاءنا كل من يرى رأي عثمان بن عفان (5) فاجتمع إلينا رؤوس أهلها، فحمد الله ابن عامر الحضرمي وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، أيها الناس فان عثمان إمامكم إمام الهدى قتله علي بن أبي طالب ظلما، فطلبتم بدمه، وقاتلتم من قتله، فجزاكم من أهل مصر خيرا، وقد أصيب منكم الملأ الأخيار وقد جاءكم الله بإخوان لكم، لهم باس شديد يتقى، وعدد لا يحصى فلقوا عدوكم الذين قتلوكم فبلغوا الغاية التي أرادوا صابرين، فرجعوا وقد نالوا ما طلبوا، فمالئوهم وساعدوهم وتذكروا ثاركم تشفوا (6) صدوركم من عدوكم.
فقام إليه الضحاك بن عبد الله الهلالي فقال: قبح الله ما جئتنا ودعوتنا إليه جئتنا والله بمثل ما جاء به صاحباك طلحة والزبير، أتيانا وقد بايعنا عليا ع واجتمعنا له، وكلمتنا واحدة، ونحن على سبيل مستقيم فدعوانا إلى الفرقة وقاما فينا بزخرف القول، حتى ضربنا بعضنا ببعض عدوانا وظلما فاقتتلنا على ذلك، وأيم الله ما سلمنا من عظيم وبال ذلك ونحن الآن مجتمعون على بيعة ذا العبد الصالح الذي قد أقال العثرة وعفا عن المسئ وأخذ بيعة غائبنا وشاهدنا أفتأمرنا الآن أن نختلع أسيافنا من أغمادها ثم يضرب بعضنا بعضا ليكون معاوية أميرا وتكون له وزيرا، ونعدل بهذا الأمر عن علي ع؟! والله ليوم من أيام علي ع مع النبي ص خير من بلاء معاوية وآل معاوية لو بقوا في الدنيا ما الدنيا باقية.
فقام عبد الله بن خازم السلمي (7) فقال للضحاك: اسكت فلست باهل أن تتكلم في أمر العامة ثم أقبل على ابن الحضرمي فقال: نحن يدك وأنصارك، والقول ما قلت، قد فهمنا ما ذكرت فادعنا إلى أي شئ شئت و،

(١) الفرج: الثغر وقال ابن الأثير في النهاية مادة (فرج): " في حديث عمر: قدم رجل من بعض الفروج أي الثغور، واحدها فرج ".
(٢) ومنه: عده بما يتمناه من الدنيا.
(٣) الأثرة - بفتحتين - هنا الإيثار على الغير.
(٤) سنح: عرض، والأعضب من الشاء والظباء: مكسور القرن، ومن الإبل: مشقوق الأذن.
(٥) لعلها " يرى رأينا في عثمان بن عفان ".
(٦) الضحاك بن قيس الهلالي من أخوال عبد الله بن عباس (انظر تاريخ الطبري ٥ / ١٤٢ حوادث سنة ٤٠.
(٧) عبد الله بن خازم - بمعجمتين - السلمي، أبو صالح. قال ابن الأثير في أسد الغابة ٣ / 148: " أمير خراسان شجاع مشهور، وبطل مذكور قيل: له صحبة، وكان أميرا على خراسان أيام فتنة ابن الزبير، " قال: وقد استقصينا أخباره في كتاب الكامل في التاريخ وقتل سنة إحدى وسبعين في الفتنة. يعني الفتنة التي حدثت بخراسان.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370