مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ١٨٢
منتصرا وقد استقبله علي المؤيد فأبقاه تيمور، في بلاطه وأكرمه، واعترف بسلطانه ولكن لم يسمح له بالعودة إلى سبزوار، إلى أن أمر بقتله سنة 788.
وبعد وفاة علي بن المؤيد قام أهالي مدينة سبزوار الأبطال الذين صعب عليهم قبول سلطة الملك والأتراك بدلا من حكومة أمراء جماعة السربداريين، فقاموا في سنة 785 بانتفاضة عامة بقيادة الشيخ داود السبزواري لاحياء حكومة جماعة السربداريين، إلا أن تيمور توجه إلى سبزوار حالا وحاصر المدينة، وتعذر على الأهالي مجابهة حكومة تيمور المقتدرة، وانتهت الانتفاضة بالفشل والهزيمة.
وبالرغم من الدفاع البطولي عن المدينة، إلا أن مدينة سبزوار استسلمت في بداية شهر رمضان سنة 785 ودخلت عساكر تيمور إلى المدينة. وقام تيمور بمذبحة رهيبة وأمر بدفن ما يقارب من ألفين من المشاركين في الانتفاضة أحياء في جدار أحد الأبراج... إلا أن هذه المذبحة لم تؤثر في معنوية أهالي مدينة سبزوار، ولم تقلل من عزيمة هؤلاء الناس، الذين كانوا يطالبون بالاستقلال، وكانوا مفعمين بمعنوية ممتازة عالية.
وبعد وفاة تيمور سنة 807 ثارت جماعة السربداريين في سبزوار وضواحيها ضد السلطان شاهرخ بن تيمور، وانتخبت أحد أحفاد وجيه الدين مسعود سلطانا لها. ولكن تمكنت عساكر شاهرخ بصعوبة من القضاء على هذه الثورة.
إن انتفاضات وثورات جماعة السربداريين ضد تيمور وأولاده قد تكون مواضيع لدراسات منفصلة لا مجال للبحث فيها هنا.
نتيجة حركة السربداريين وخلفيات هذه الحركة كانت حركة السربداريين أول ثورة أو انتفاضة سياسية وعسكرية شيعية في نطاق حكومة الايلخان المغول وأتراك البادية.
والأمر الآخر هو أن جماعة السربداريين أرادوا استغلال نفوذ الصوفية لتمشية أمورهم. وهذا ما فعله الشيخ خليفة والشيخ حسن الجوري وبعض قادة الجماعة ذلك الأمر الذي فعله الصفويون فيما بعد إن علي بن المؤيد بعد تثبيت دعائم حكومته. وجد أن الصوفيين والدراويش يريدون السيطرة على الأمور، وأن هذا العمل قد يزعزع أسس المدرسة الشيعية، ومن أجل ذلك فقد أراد الاستفادة من فقهاء الشيعة لقيادة الشيعة وإرشادهم في بلاده وتوسيع نطاق التشيع الحقيقي الذي كان مذهب أبناء الإقليم. حول رسالة علي بن المؤيد لم يعرف متى حرر علي بن المؤيد رسالته ومتى أرسلها إلى الشهيد الأول، فقد تسلم علي بن المؤيد السلطة في سنة 766 وعزل سنة 783 بأمر من تيمور... وكانت مدة حكمه سبعة عشر عاما.
إن الشهيد الأول رفض دعوة علي بن المؤيد، وربما كان الرفض بسبب عدم رغبته في ملازمة البلاط والجهاز الحكومي (1). ولكنه وكما سنشرح فقد ألف كتاب اللمعة وهو من أشهر كتب الفقه لدى الشيعة، وأرسله إلى علي بن المؤيد إلى سبزوار ليعمل به أهل العلم من الشيعة ويدرسون على أساسه ويفتون بموجبه ويربون شيعة خراسان على أساس نظرية التشيع الأصيلة والمدرسة الجعفرية العريقة لقد استشهد الشهيد الأول سنة 786، وكان علي بن المؤيد ما زال حيا حيث قتل سنة 788 بأمر من تيمور. ويقول الشهيد في بداية كتاب اللمعة في سبب تأليفه لقد كتبته تلبية لطلب أحد المتدينين.
وبعد مرور مائة وخمسين سنة على تأليف كتاب اللمعة ألف زين الدين علي بن أحمد العاملي الجبعي مواطن الشهيد الأول والمعروف بالشهيد الثاني كتابا في شرح كتاب اللمعة أسماه شرح اللمعة يدرس منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا في جميع حوزات الشيعة العلمية. وهو كتاب يحتوي على دورة كاملة من فقه الشيعة. تم تأليفه من قبل اثنين من فقهاء الشيعة الكبار وهما من أهالي جبل عامل واستشهدا بتهمة التشيع وفي سبيل اعتقادهما.
أما الشهيد الثاني المقتول في سنة 966 فيقول في شرح كلمة الشهيد الأول: كتبته تلبية لطلب من أحد المتدينين أن المقصود بذلك هو شمس الدين محمد الآوي من أصحاب السلطان علي بن المؤيد سلطان خراسان وضواحيها آنذاك. إلى أن استولى تيمور لنك على دولة علي بن المؤيد فأخذه معه قسرا إلى أن توفي حوالي سنة 795 أي بعد تسع سنوات من استشهاد الشهيد الأول.
كانت الصداقة والمراسلة قائمة بين شمس الدين محمد الآوي والمصنف الشهيد الأول وكان شمس الدين محمد الآوي يرسل الرسائل والطرود أولا إلى العراق، ثم من هناك ترسل إلى الشهيد في بلاد الشام.
وقد احتفظ شمس الدين محمد الآوي بالنسخة الأصلية لكتاب اللمعة لأنها كانت بخط الشهيد نفسه وبما أن أحدا لم ير الكتاب ولم يعرضه شمس الدين محمد الآوي على أحد، لم يتمكن أحد من أن يستنسخ نسخة منه.
ولكن أحد الطلاب وكتب على هامش اللمعة أن هذا الشخص اسمه شمس الدين الزابلي أخذ الكتاب من حامله في الطريق واستنسخ منه نسخة. ولما علم بأنه كتاب ثمين، لم تكن لديه أي لدى شمس الدين الزابلي الفرصة الكافية لمطابقته مع النسخة الأصلية، حيث كان على سفر. ولهذا السبب توجد فيه بعض الأغلاط. ولما كان شمس الدين الزابلي قد سافر إلى جانب المؤلف الشهيد الأول، فان الشهيد صحح الأغلاط الموجودة. ولهذا السبب قد تكون النسخة الثانية تختلف في عباراتها مع النسخة الأصلية التي كانت عند شمس الدين محمد الآوي.
كان تأليف الكتاب وإرساله إلى محمد الآوي في سنة 782.
بعض الملاحظات:
نستنتج بعض الملاحظات مما كتبه الشهيد الثاني... وهي:

(1) يقول حسن الأمين تعليقا على ما كتبه الكاتب عن سبب امتناع الشهيد عن تلبية دعوة علي بن المؤيد: إن السبب الأساسي هو أن بلاده نفسها كانت بأشد الحاجة إليه، إذ لم تكن بعيدة العهد عن الاحتلال الصليبي، ولم يكن قد مضى زمن طويل على جلاء الصليبيين عن جبل عامل، بالرغم من أن العامليين خلال الاحتلال الصليبي لبلادهم لم يتقطعوا عن طلب العلم، بل كان لهم تدريسهم، ولكنه كان تدريسا محدودا لا يمكن أن يخرج علماء. فكان على الشهيد أن ينصرف أولا للعناية بوطنه، ولم يكن يستطيع أن يترك وطنه المحتاج إليه ليذهب إلى المكان القصي.
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370