مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ١٧٧
كانت على طراز السربداريين لا محل للبلاطات الملكية وما تمتاز به من عظمة وجلال وأبهة التشيع، الحجر الأساس للحركات الشعبية لقد كتب العالم المستشرق الروسي في فصل عقائد هذه الحركات قائلا: إن و. وبارتولد يؤكد أن مذهب الشيعة كان عاما بين القرويين في القرون الوسطى في إيران، وكان في الكثير من الحالات يشكل أساس عقائد الحركات الشعبية ثم يقول العالم الروسي: إن الحركات القروية في إيران في القرون الوسطى توسعت وتنامت مرارا وتكرارا تحت راية الشيعة الخضراء. حيث أن بعض عقائد الشيعة وأفكارهم كانت متناسقة مع نفسية القرويين المعارضة. أولا لأن مذهب السنة كان هو الحاكم تقريبا على جميع الحكومات الإقطاعية في إيران في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين، وأن الشيعة كانوا هم المطاردين وهم الذين يعانون العذاب والتعذيب.
إن احترام الشهداء علي والحسين وبقية الأئمة الشهداء كان يحتل مكانة بارزة ومهمة في عقائد الشيعة، وهذا الأمر كان يريح القرويين المضطهدين. ولكن الأمر الذي كان يلائم عامة طبقات الشعب أكثر من أي شئ آخر هو عقيدتهم بظهور المهدي الذي سيعيد الدين الاسلامي إلى ما كان عليه في صدر الاسلام وسيقضي بالسيف على الشريعة المغولية والأنظمة الظالمة التي تداولها السنة والمغول المنتصرون ولهذا السبب فان انتظار المهدي يحتل مركزا مرموقا وهاما في عقائد الشعوب التي قامت بالانتفاضات في إيران في القرن الثالث عشر. كما ازداد ذلك رسوخا في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين.
الشيخ خليفة العالم الديني الشيعي مؤسس حركة السربداريين الفكرية لقد بلغ الاستياء من الطغيان في الرأي العام ومختلف طبقات الشعب في قرى ومدن خراسان ذروته في السنوات الأخيرة من حكومة الايلخان أبي سعيد.
كما ظهر آنذاك واعظ ديني حاول التنظيم في حركة المضطهدين وانتفاضتهم وقيادة الحركة والانتفاضة بنفسه من الناحية الفكرية. ويعتقد المؤرخون في القرن الخامس عشر الميلادي المعاصرون لتاريخ السربداريين المفقود، أن الواعظ المذكور كان من كبار الصوفية ومن أهالي مازندران ويدعى الشيخ خليفة لقد درس العلم في أيام شبابه وحفظ القرآن وتعلم المنطق وعلم الفراسة ثم درس مبادئ التصوف وأصبح من مريدي بالو الزاهد من شيوخ الدراويش الذي كان يعيش في مدينة آمل بمازندران ولكن خليفة لم يجد في كلام الشيخ الإجابة على القضايا والمسائل التي كانت قد أزعجته ولهذا سافر إلى سمنان عند علاء الدولة السمناني الذي كان في عصره من أشهر الشيوخ الدراويش في إيران.
فسأله الشيخ يوما عن اعتقاده باي واحد من مذاهب السنة الأربعة الحقة؟ فاجابه خليفة قائلا: بان الذي أسعى إليه وأبحث عنه أعلى من هذه المذاهب، ولما كان الشيخ المؤمن لا يقدر أن يسمع كلام الكفر من هذا الملحد، فقد حطم دواته على رأس خليفة. ومن هنا توجه خليفة إلى بحرآباد عند شيخ الاسلام غياث الدين عبد الله الحموي، ولكنه لم يحصل هناك أيضا على مراده فانفصل عنه. ولكن عن ماذا كان يبحث خليفة؟ هل كانت ضالته القضايا والأمور الخاصة بالعدالة الاجتماعية ومكافحة الظلم والجور التي مارسها فيما بعد؟ لقد سكت المؤرخون حول هذا الموضوع وربما كان هذا الصمت متعمدا. ولكن ثبت أن خليفة لم يكن راضيا ومقتنعا بتعليمات وإرشادات أكبر شيوخ الصوفية وكان يختلف معهم في وجهات النظر. ولم يمض على ذلك وقت طويل حتى سافر إلى سبزوار وسمى نفسه شيخا. ويبدو أن خليفة لم يكن صوفيا بمعناه الحقيقي. وربما كان يستخدم عبارات ومصطلحات الصوفيين وجماعة أخوان الصفا للدعاية والتمهيد للتمرد ضد الظالمين. وكانت مدينة سبزوار وناحية بيهق الواقعة غرب مدينة نيسابور التي اختارها للدعاية، خير مكان لهذا الأمر حيث كان القرويون في منطقة سبزوار والفئة الدنيا من أهالي المدينة هم من الشيعة المتعصبين ومن المعارضين للسلطة القائمة.
كانت سبزوار من أهم مراكز الشيعة في إيران، وفي نفس الوقت كانت في مراكز القومية في البلاد. فعلى سبيل المثال كان في ساحة المدينة مكان تقول الأساطير القديمة جدا عنه بأنه مكان الصراع بين رستم وسهراب من أبطال ملحمة الشاهنامة. ويقول المؤرخون أن الشيخ خليفة أقام في المسجد الجامع في مدينة سبزوار بعد دخوله إلى هذه المدينة وكان يتلو القرآن بصوت عال ويعظ الناس وكان يلتف حوله عدد كبير من الطلبة والمريدين ولم تمض فترة من الزمن حتى أصبحت أغلبية القرويين في تلك المنطقة من مريدي الشيخ خليفة. وبعدها كما يروي حافظ أبرو في كتابه: كانت جماعة من فقهاء السنة تمنعه من الإقامة في المسجد، ولكنه لم يهتم بكلامهم، وقد استفتى هؤلاء بما يلي: شخص أقام في المسجد لينشر فيه البدع ولما منع من ذلك رفض، وأصر على ما هو عليه، ولم يغضب هل مثل هذا الشخص يجب قتله أم لا؟.
وجاء في كتب مير خواند وخواند مير روضة الصفا وحبيب السير ولكن بصورة غامضة: أن الشيخ كان يدعو الناس إلى الأمور الدنيوية.
والمقصود من كلمة الأمور الدنيوية حسب ما صرح به تلاميذه وأنصاره فيما بعد، العدالة العامة والصمود أمام الظلم والجور. ويقول حافظ أبرو في كتابه حول هذه الفتوى ما يلي: كتب الكثير من الفقهاء فقهاء السنة أن هذا الأمر غير مشروع ولما كان يصر على اللا مشروع ولا يغضب للنصح فيجب قتله، وأرسلوا هذا الجواب مع كتاب إلى السلطان سعيد أنار الله برهانه....
ولما كان هذا السلطان المغولي رجلا خرافيا وبعيدا عن المنطق، ويخاف من الدراويش:... أجاب على الكتاب قائلا: أنا لا أعترض على دم الدراويش، فعلى حكام خراسان أن يفصحوا عن هذا الموضوع ويعملوا حسب الشريعة النبوية الطاهرة على صاحبها أفضل الصلوات. فلما وصلت هذه الإجابة من السلطان، أخذ الفقهاء يسعون لسفك دم الشيخ خليفة وكانوا يقولون إنه مبدع ويجب قتله... وحاول فقهاء سبزوار بعد استلامهم لجواب السلطان أن يعتقلوا الشيخ خليفة، ولكن سعيهم ذهب هباء في

(1) لسنا ندري ماذا يقصد العالم الروسي من " علم الفراسة "؟
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370