الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٥٠
من شئ) * وقال تعالى: * (لتبين للناس ما نزل إليهم) * وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: اللهم هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد....
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، ثنا أحمد بن عون الله، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا الخشني، ثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن مرة الهمداني قال: قال عبد الله بن مسعود: من أراد العلم فليثر القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين، هكذا رويناه عن مسروق والزهري، أنه ليس شئ اختلف فيه إلا وهو في القرآن، فصح بنص القرآن أنه لا شئ من الدين وجميع أحكامه إلا وقد نص عليه، فلا حاجة بأحد إلى القياس.
فإن قالوا: إنما نقيس النوازل، من الفروع على الأصول.
قال أبو محمد: وهذا، لأنه ليس في الدين إلا واجب أو حرام أو مباح، ولا سبيل إلى قسم رابع البتة، فأي هذه أصل، وأي هذه فرع فبطل قولهم، وصح أن أحكام الدين كلها أصول لا فرع فيها، وكلها منصوص عليه، فلما اختلف الناس قط إلا في الأصول، كالوضوء والصلاة والزكاة والحج، والحرام من البيوع والحلال منها، وعقود النكاح والطلاق وما أشبه ذلك.
فإن قالوا: لسنا ننكر أن الله تعالى لم يفرط في الكتاب من شئ، ولا أن النبي صلى الله عليه وسلم بين، ولكن النص والبيان ينقسم قسمين: أحدهما نص على الشئ باسمه، والثاني نص عليها بالدلالة، وهذا هو الذي نسميه قياسا، وهو التنبيه على علة الحكم، فحيثما وجدت تلك العلة حكم بها. قالوا: وهذا هو الاختصار وجوامع الكلم التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قيل لهم: وبالله تعالى التوفيق: هذا هو الباطل، لان الذي تذكرون دعوى بلا دليل، وتلك الدلالة تخلو من أن تكون موضوعة في اللغة، التي بها خوطبنا وبها نزل القرآن، لذلك المعنى بعينه. فهذا غير قولكم، وهذا هو القسم الأول من النص على الشئ باسمه، فلا تموهوا فتجعلوا النص قسمين، أو تكون تلك الدلالة غير موضوعة في اللغة، التي بها خوطبنا وبها نزل القرآن، لذلك المعنى، فإن كانت كذلك فهذا هو التلبيس والتخليط الذي تنزه الله تعالى، ونزه رسوله صلى الله عليه وسلم عنه، ولا يحل لاحد أن ينسب هذا إلى الله تعالى، ولا إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
(١٠٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1049 1050 1051 1052 1053 1054 1055 1056 1057 1058 1059 ... » »»
الفهرست