الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٦٥
وغير ذلك، وحسبنا الله ونعم الوكيل وقال الله تعالى: * (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن) *.
قال أبو محمد: والقياس اسم في الدين لم يأذن به الله تعالى، ولا أنزل به سلطانا، وهو ظن منهم بلا شك، لتجاذبهم علل القياسات بينهم، كتعليلهم الربا بالاكل، وقال آخرون منهم: بالكيل والوزن، وقال آخرون: بالادخار، وهذه كلها ظنون فاسدة، وتخاليط وأسماء لم يأذن تعالى بها، ولا أنزل بها سلطانا.
وقال تعالى: * (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق *، وقال تعالى: * (ويحق الله الحق بكلماته) * فنص تعالى على ألا يقال عليه إلا الحق، وأخبر تعالى أنه يحق الحق بكلماته، فما لم يأتنا كلام الله تعالى بأنه حق من الدين فهو باطل، لا حق.
وقال تعالى حكاية عن رسله صلى الله عليهم وسلم: * (إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله) *.
قال أبو محمد: فنص الله تعالى عن الأنبياء الصادقين أنه ليس لهم أن يأتوا بسلطان إلا بإذن الله تعالى، والسلطان الحجة بلا شك، فكل حجة لم يأذن الله تعالى بها في كلامه فهو باطل، ولم يأذن قط تعالى في القياس فهو باطل.
وقال تعالى: * (ما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبنائكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) * وقال تعالى: * (إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) *.
فأنكر تعالى غاية الانكار أن يجعل أحد أمه غير التي ولدته، ولا أن يجعل ابنه إلا ولده، وهو تعالى قد جعل أمهاتنا من لم تلدنا، كنساء النبي صلى الله عليه وسلم واللواتي أرضعتنا، وجعل أبناءنا من لم تلده، كنحن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكمن أرضعه نساءنا بألباننا.
فصح بالنص أن الشئ إذا حكم الله تعالى به فقد لزم دون تعليل، وأن من أراد أن يحكم بمثل ذلك بما لا نص فيه فقد قال منكرا من القول وزورا، وأنه
(١٠٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1060 1061 1062 1063 1064 1065 1066 1067 1068 1069 1070 ... » »»
الفهرست