الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٦٦
ليس لأحد أن يقول بغير ما لم يقل الله تعالى به. وفي هذا كفاية لمن وجعلنا - نحن وهم - نساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهاتنا في التحريم كما جاء النص فقط.
ثم لم نقس على ذلك رؤيتهن كما نرى أمهاتنا، بل حرم ذلك علينا، ولا قسنا إخوتهم وبنيهم على أخوال الولادة وإخوة الولادة. بل حل لهم نكاح نساء المسلمين، وحل لرجال المسلمين نكاح أخواتهن وبناتهن، فبطل حكم القياس يقينا وصح لزوم النص فقط، وألا يتعدى أصلا.
وفي آية واحدة مما ذكرنا كفاية لمن اتقى الله عز وجل ونصح نفسه، فكيف، وقد تظاهرت الآيات بإبطال ما يدعونه من القياس في دين الله تعالى. وكذلك أيضا جاءت الأحاديث الصحاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبطال القياس كما حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي، ثنا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا أحمد ابن محمد، ثنا أحمد بن علي، ثنا مسلم، ثنا ابن نمير، ثنا روح بن عبادة، ثنا شعبة، مسلم: وحدثني زهير بن حرب، ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: أخبرني أبو بكر بن حفص عن سالم بن عمر قال: إن عمر رأى على رجل من آل عطارد قباء من ديباج أو حرير، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو اشتريته فقال:
إنما يلبس هذا من لا خلاق له، فأهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فأرسل بها إلي فقلت: أرسلت بها إلي وقد سمعتك قلت فيها ما قلت؟ قال: إنما بعثتها إليك لتستمتع بها.
وقال ابن نمير في حديثه: إنما بعثتها إليك لتنتفع بها، ولم أبعث بها إليك لتلبسها.
وبالسند المذكور إلى مسلم قال: حدثنا شيبان بن فروخ، ثنا جرير بن حازم، ثنا نافع عن ابن عمر قال: رأى عمر عطاردا اليمني يقيم بالسوق حلة سيراء، فقال عمر: يا رسول الله، إني رأيت عطاردا يقيم في السوق حلة سيراء، فلو اشتريتها فلبستها لوفود العرب إذ قد مرا عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة فلما كان بعد ذلك أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلل سيراء، فبعث إلى عمر بحلة، وإلى ابن زيد بحلة، وأعطى علي بن أبي طالب حلة، وقال: اشققها خمرا بين نسائك فذكر
(١٠٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1061 1062 1063 1064 1065 1066 1067 1068 1069 1070 1071 ... » »»
الفهرست